للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل:

وأما الأرفاق فهو أرفاق بمقاعد الأسواق، وأفنية الشوارع، وحريم الأمصار، ومنازل الأسفار، فيقسم ثلاثة أقسام: قسم يختص الارتفاق فيه بالصحارى والفلوات، وقسم يختص الارتفاق فيه بأفنية الأملاك، وقسم يختص بالشوارع والطرق.

فأمَّا القسم الأول: وهو ما اختُصَّ بالصحارى والفلوات فكمنازل الأسفار وحلول المياه، وذلك ضربان:

أحدهما: أن يكون لاجيتاز السابلة واستراحة المسافرين فيه، فلا نظر للسلطان فيه لبعده عنده، وضرورة السابلة إليه، والذي يختص السلطان له من ذلك إصلاح عورته وحفظ مياهه، والتخلية بين الناس وبين نزوله، ويكون السابق إلى المنزل أحقّ بحلوله فيه من المسبوق حتى يرتحل عنه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم: "مِنَى مناخ من سبق إليها" ١.

فإن وردوه على سواء وتنازعوا فيه نظر في التعديل بينهم مِمَّا يزيل تنازعهم، وكذلك البادية إذا انتجعوا أرضًا طلبًا للكلأ، وارتفاقًا بالمرعى، وانتقالًا من أرض إلى أخرى، كانوا فيما نزلوه وارتحلوا عنه كالسابلة، لا اعتراض عليهم في تنقلهم ورعيهم.

والضرب الثاني: أن يقصدوا بنزول الأرض الإقامة فيها والاستيطان لها، فللسلطان في نزولهم بها نظر يراعَى فيه الأصلح، فإن كان مضرًّا بالسابلة منعوا منها قبل النزول وبعده، وإن لم يضر بالسابلة راعى الأصلح في نزولهم فيها، أو منعهم منها ونقل غيرهم إليها، كما فعل عمر حين مصَّر البصرة والكوفة؛ نقل إلى كلِّ واحد من المصرين مَنْ رأى المصلحة فيه؛


= قال عبد الحق في أحكامه: قال البخاري: عبد الله بن خداش عن العوام بن حوشب منكر الحديث، وضعَّفه أيضًا أبو زرعة وقال فيه أبو حاتم: ذاهب الحديث، انتهى كلامه، تركها ابن القطان عليه. انتهى.
وأمَّا حديث ابن عمر فرواه الطبراني في معجمه، حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا يحيى الحماني، ثنا قيس بن الربيع، عن زيد بن جبير، عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "المسلمون شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار" انتهى. [نصب الراية: ٤/ ٢٩٤] .
والحديث صحَّحه الشيخ الألباني.
١ صحيح: رواه أبو داود في كتاب المناسك "٢٠١٩"، والترمذي في كتاب الحج "٨٨١"، وابن ماجه في كتاب المناسك "٣٠٠٦"، وأحمد "٢٥١٩٠".

<<  <   >  >>