يكون مقاسمة أو مساحة، فإن كان مقاسمة فمَن جوَّز مِنَ الفقهاء وضع الخراج على المقاسمة جعله منَ المعلوم الذي يجوز إقطاعه، ومن منع من وضع الخراج على المقاسمة جعله من المجهول، وإن كان الخراج مساحة فهو ضربان:
أحدهما: أن لا يختلف باختلاف الزروع، فهذا معلوم يصح إقطاعه.
والثاني: أن يختلف باختلاف الزروع، فينظر مقطعه، فإن كان في مقابلة أعلى الخراجين صحَّ إقطاعه؛ لأنه راضٍ بنقص إن دخل عليه، وإن كان في مقابلة أقل الخراجين لم يصح إقطاعه؛ لأنَّه قد يوجد فيه زيادة لا يستحقها، ثم يراعى بعد صحة الإقطاع في هذا القسم حال المقطع في مدة الإقطاع، فإنها لا تخلو من ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يبقى إلى انقضائها على حال السلامة، فهو على استحقاق الإقطاع إلى انقضاء المدة.
والحالة الثانية: أن يموت قبل انقضاء المدة، فيبطل الإقطاع في المدة الباقية بعد موته، ويعود إلى بيت المال، فإن كانت له ذرية دخلوا في إعطاء الذراري لا في أرزاق الجند، فكان ما يعطونه سببًا لا إقطاعًا.
والحالة الثالثة: أن يحدث به زمانة فيكون باقي الحياة مفقود الصحة، ففي بقاء إقطاعه بعد زمانته قولان:
أحدهما: إنه باقٍ عليه إلى انقضاء مدته إذا قيل: إن رزقه بالزمانة قد سقط، فهذا حكم القسم الأول إذا قدِّر الإقطاع فيه بمدة معلومة.
والقسم الثاني من أقسامه: أن يستقطعه مدة حياته ثم لعقبه وورثته بعد موته، فهذا إقطاع باطل؛ لأنه قد خرج بهذا الإقطاع من حقوق بيت المال إلى الأملاك الموروثة، وإذا بطل كان ما اجتباه منه مأذونًا فيه عن عقد فاسد، فيبرأ أهل الخراج بقبضه، وحسب من جملة رزقه، فإن كان أكثر رد الزيادة، وإن كان أقل رجع بالباقي، وأظهر السلطان فساد الإطلاع حتى يمنع من القبض، ويمنع أهل الخراج من الدفع؛ فإن دفعوه بعد إظهار ذلك لم يبرأ منه.
والقسم الثالث: أن يستقطعه مدة حياته، ففي صحة الإقطاع قولان:
أحدهما: إنه صحيح إذ قيل: إنَّ حدوث زمانته لا يقتضي سقوط رزقه.