للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرضه، وما يعطى له إنَّما هو من صلات المصالح، فإن جعل له من مال الخراج شيء أجرى عليه حكم الحوالة والتسبب، لا حكم الإقطاع، فيعتبر في جوازه شرطان:

أحدهما: أن يكون بمالٍ مقدَّر قد وجد سبب استباحته.

والثاني: أن يكون مال الخراج قد حلَّ ووجب؛ ليصحَّ التسبب عليه والحوالة به، فخرج بهذين الشرطين عن حكم الإقطاع.

والحالة الثالثة: أن يكون من مرتزفة أهل الفيء وفرضية الديوان، وهم أهل الجيش، وهو أخص الناس بجواز الإقطاع؛ لأنَّ لهم أرزاقًا مقدَّرة تصرف إليهم مصرف الاستحقاق؛ لا تعويض عمَّا أرصدوا نفوسهم من حماية البيضة والذبّ عن الحريم، فإذا صحَّ أن يكونوا من أهل الإقطاع روعي حينئذ مال الخراج، فإن له حالتين: حال يكون جزية، وحال يكون أجرة، فأمَّا ما كان منه جزية فهو مستقرٌّ على التأبيد؛ لأنه مأخوذ مع بقاء الكفر، وزائل مع حدوث الإسلام، فلا يجوز إقطاعه أكثر من سنة؛ لأنه غير موثوق باستحقاقه بعدها، فإن أقطعه سنة بعد حلوله واستحقاقه صح، وإن أقطعه في السنة قبل استحقاقه ففي جوازه وجهان:

أحدهما: يجوز إذا قيل: إنَّ حول الجزية مضروب للأداء.

والثاني: لا يجوز إذا قيل: إنَّ حول الجزية مضروب للوجوب، وأمَّا ما كان من الخراج أجرة فهو مستقر الوجوب على التأييد، فيصح إقطاعه سنتين، ولا يلزم الاقتصار منه على سنة واحدة، بخلاف الجزية التي لا تستقر.

وإذا كان كذلك فلا يخلو حاله أقطاعه من ثلاثة أقسام:

أحدهما: أن يقدِّر سنين معلومة كإقطاعه عشر سنين، فيصحّ إذا روعي فيه شرطان:

أحدهما: أن يكون رزق المقطع معلوم القدر عند باذل الإقطاع؛ فإن كان مجهولًا عنده لم يصح.

والثاني: أن يكون قدر الخراج معلومًا عند المقطع وعند باذل الإقطاع، فإن كان مجهولًا عندهما أو عند أحدهما لم يصح، وإذا كان كذلك لم يخل حال الخراج من أحد أمرين، إما أن

<<  <   >  >>