الثابتة فافترقا؛ وإن كان الفرق بينهما ضعيفًا، وهذا الكلام في إقطاع التمليك.
فصل:
وأما إقطاع الاستغلال فعلى ضربين: عُشْرٌ، وخراج١.
فأما العشر فإقطاعه لا يجوز؛ لأنه زكاة لأصناف يعتبر وصف استحقاقها عند دفعها إليهم، وقد يجوز أن لا يكونوا من أهلها وقت استحقاقها؛ لأنها تجب بشروط يجوز أن لا توجد فلا تجب، فإن وجبت وكان مقطعها وقت الدفع مستحقًّا كانت حوالة بعشر قد وجب على ربّه لمن هو من أهله، صح وجاز دفعه إليه، ولا يصير دينًا له مستحقًّا حتى يقبضه؛ لأن الزكاة لا تملك إلَّا بالقبض، فإن منع من العشر لم يكن له خصمًا فيه، وكان عامل العشر بالمطالبة أحق.
وأمَّا الخراج فيختلف حكم إقطاعه باختلاف حال مقطعه، وله ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يكون من أهل الصدقات، فلا يجوز أن يقطع مال الخراج؛ لأن الخراج فيء لا يستحقه أهل الصدقة، كما لا يستحق الصدقة أهل الفيء، وجوَّز أبو حنيفة ذلك؛ لأنَّه يجوز صرف الفيء في أهل الصدقة.
والحالة الثانية: أن يكون من أهل المصالح مِمَّن ليس له رزق مفروض، فلا يصح أن يقطعه على الإطلاق، وإن جاز أن يعطاه من مال الخراج؛ لأنَّه من نفل أهل الفيء لا من
١ قال منصور بن يونس البهوتي من الحنابلة: وجعل إقطاع الاستغلال على ضربين عشر وخراج، وللإمام إقطاع موات لمن يحييه؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- أقطع بلال بن الحارث العقيق، وأقطع وائل بن حجر أرضًا، وأقطع أبو بكر وعمر وعثمان وجمع من الصحابة، ولا يملكه -أي: الموات- بالإقطاع؛ لأنَّه لو ملكه ما جاز استرجاعه، بل يصير المقطع كالمتحجّر الشارع في الإحياء؛ لأنه ترجح بالإقطاع على غيره، ويسمَّى تملكًا لما له إليه، ولا ينبغي للإمام أن يقطع إلَّا ما قدر المقطع على إحيائه؛ لأنَّ في إقطاعه أكثر من ذلك تضييقًا على الناس في حق مشترك بينهم مما لا فائدة فيه، فإن أقطع الإمام أحدًا أكثر منه، أيّ: مما يقدر على إحيائه، ثم تبين عجزه عن إحيائه، استرجعه الإمام منه، كما استرجع عمر من بلال بن الحارث ما عجز عن عمارته من العقيق الذي أقطعه أيام الرسول -صلى الله عليه وسلم، وله -أي: للإمام- موات تمليكًا وانتفاعًا للمصلحة لما تقدَّم. [كشف القناع: ٤/ ١٩٥] .