الفقهاء في جواز المخابرة، فمن أجازها أجاز الخراج بها١، ومن منع منها منع من الخراج بها، وقيل: بل يجوز الخراج بها، وإن منع المخابرة لما يتعلّق بها من عموم المصالح التي يتَّسع حكمها عن أحكام العقود الخاصة، ويكون العشر واجبًا في الزرع دون الثمر؛ لأنَّ الزرع ملك لزارعيه، والثمرة ملك لكافَّة المسلمين مصروفة في مصالحهم.
والقسم الثاني من العامر: أرض الخراج، فلا يجوز إقطاع رقابهم تمليكًا؛ لأنها تنقسم على ضربين: ضرب يكون رقابهم وقفًا وخراجها أجرة، فتمليك الوقف لا يصح بإقطاع ولا بيع ولا هبة، وضرب يكون رقابها ملكًا وخراجها جزية، فلا يصح إقطاع مملوك تعين مالكوه، فأمَّا إقطاع خراجها فنذكره بعد في إقطاع الاستغلال.
والقسم الثالث: ما مات عنه أربابه ولم يستحقه وارثه بفرض ولا تعصيب، فينتقل إلى بيت المال ميراثًا لكافَّة المسلمين مصروفًا في مصالحهم. وقال أبو حنيفة: ميرات من لا وارث له مصروف في الفقراء خاصة صدقة عن الميت، ومصرفه عند الشافعي في وجوه المصالح أعمّ؛ لأنه قد كان من الأملاك الخاصة، وصار بعد الانتقال إلى بيت المال من الأملاك العامة، وقد اختلف أصحاب الشافعي فيما انتقل إلى بيت المال من رقاب الأموال هل يصير وقفًا عليه بنفس الانتقال إليه؟ على وجهين:
أحدهما: إنها تصير وقفًا لعموم مصرفها الذي لا يختص، فعلى هذا لا يجوز بيعها ولا إقطاعها.
والوجه الثاني: لا تصير وقفًا حتى يقفها الإمام، فعلى هذا يجوز له بيعها إذا رأى بيعها أصلح لبيت المال، ويكون ثمنها مصروفًا في عموم المصالح، وفي ذوي الحاجات من أهل الفيء وأهل الصدقات، وأمَّا إقطاعها على هذا الوجه فقد قيل بجوازه؛ لأنَّه لما جاز بيعها وصرف ثمنها إلى من يراه من ذوي الحاجات وأرباب المصالح جاز إقطاعها له، ويكون تمليك رقبتها كتمليك ثمنها، وقيل: إنَّ إقطاعها لا يجوز وإن جاز بيعها؛ لأنَّ البيع معاوضة وهذا الإقطاع صلة، والأثمان إذا صارت ناضَّة له حكم يخالف في العطايا حكم الأصول
١ في الحديث: الذي رواه البخاري في كتاب الإجارة "٢٢٨٦"، ومسلم في كتاب المساقاة "١٥٥١" عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع.