والحالة الثالثة: أن يكون التقليد مطلقًا لا يتضمّن إذنًا ولا نهيًا، فيعتبر حال العمل، فإن قدر على التفرُّد بالنظر فيه لم يجز أن يستخلف عليه، وإن لم يقدر على التفرد بالنظر فيه جاز له أن يستخلف فيما عجز عنه، ولم يجز أنه يستخلف فيما قدر عليه.
فصل:
وأما القسم الرابع فيما اختص ببيت المال من دخل وخرج، فهو أن كل مال استحقه المسلمون، ولم يتعيِّن مالكه منهم فهو من حقوق بيت المال، فإذا قبض صار بالقبض مضافًا إلى حقوق بيت المال، سواء أدخل إلى حرزه أو لم يدخل؛ لأنَّ بيت المال عبارة عن الجهة لا عن المكان، وكل حق وجب صرفه في مصالح المسلمين فهو حق على بيت المال، فإذا صرف في جهته صار مضافًا إلى الخراج من بيت المال، سواء خرج من حرزه أو لم يخرج؛ لأنَّ ما صار إلى عمَّال المسلمين أو خرج من أيديهم، فحكم بيت المال جار عليه في دخله إليه وخرجه.
وإذا كان كذلك فالأموال التي يستحقها المسلمون تنقسم ثلاثة أقسام: فيء وغنيمة وصدقة.
فأما الفيء: فمن حقوق بيت المال؛ لأنَّ مصرفه موقوف على رأي الإمام واجتهاده.
وأما الغنيمة: فليست من حقوق بيت المال؛ لأنها مستحقة للغانمين الذين تعينوا بحضور الواقعة لا يختلف مصرفها برأي الإمام، ولا اجتهاد له في منعهم منها، فلم تصر من حقوق بيت المال.
وأمَّا خمس الفيء والغنيمة فينقسم ثلاثة أقسام: قسم منه يكون من حقوق بيت المال، وهو سهم النبي -صلى الله عليه وسلم- المصروف في المصالح العامة؛ لوقوف مصرفه على رأي الإمام واجتهاده، وقسم منه لا يكون من حقوق بيت المال لخروجه عن اجتهاد الإمام ورأيه.
وقسم منه يكون بيت المال فيه حافظًا له على جهاته وهو سهم اليتامى والمساكين وابن السبيل، إن وجدوا دفع إليهم، وإن فقدوا أحرز لهم.