أحدهما: أنَّ خبر الإنهاء يشتمل على الفاسد والصحيح، وخبر الاستعداء مختص بالفاسد دون الصحيح.
والثاني: أنَّ خبر الإنهاء فيما رجع عنه العامل وفيما لم يرجع عنه، وخبر الاستعداء مختَصٌّ بما لم يرجع عنه دون ما رجع عنه، وإذا أنكر العامل استعداء المشرف أو إنهاء صاحب البريد، لم يكن قول واحد منهما مقبولًا عليه حتى يبرهن عنه، فإن اجتمعا على الإنهاء والاستعداء صارا شاهدين عليه، فيقبل قولهما عليه إذا كانا مأمونين، وإذا طولب العامل برفع الحساب فيما تولَّاه لزمه رفعه في عمالة الخراج، ولم يلزمه رفعه في عمالة العشر؛ لأنَّ مصرف الخراج إلى بيت المال، ومصرف العشر إلى أهل الصدقات، وعلى مذهب أبي حنيفة يؤخذ برفع الحساب في المالين؛ لاشتراك مصرفهما عنده، وإذا ادَّعى عامل العشر صرف العشر في مستحقه قبل قوله فيه، ولو ادَّعى عامل الخراج دفع الخراج إلى مستحقه لم يقبل قوله إلا بتصديق أو ببينة.
وإذا أراد العامل أن يستخلف على عمله فذلك ضربان:
أحدهما: أن يستخلف عليه من ينفرد بالنظر فيه دونه، فهذا غير جائز منه؛ لأنه يجري مجرى الاستبدال، وليس له أن يستبدل غيره بنفسه، وإن جاز له عزل نفسه.
والضرب الثاني: أن يستخلف عليه معينًا له فيُرَاعَى مخرج التقليد، فإنه لا يخلو من ثلاثة أحوال:
أحدهما: أن يتضمَّن إذنًا بالاستخلاف فيجوز له أن يستخلف، ويكون من استخلفه نائبًا عنه يعزل بعزله إن لم يكن مسمَّى في الإذن، فإن سمَّى له من يستخلفه فقد اختلف الفقهاء فيه إذا استخلفه هل ينعزل بعزله؟ فقال قوم: ينعزل، وقال آخرون: لا ينعزل.
والحالة الثانية: أن يتضمَّن التقليد نهيًا عن الاستخلاف، فلا يجوز له أن يستخلف، وعليه أن ينفرد بالنظر فيه إن قدر عليه، فإن عجز عنه كان التقليد فاسدًا، فإن نظر مع فساد التقليد صحَّ في نظره ما اختص بالإذن من أمر ونهي، ولم يصح منه ما اختص بالولاية من عقد وحل.