به فله جاري مثله، فإن ابتدأ بالطلب فأذن له في العمل فلا جاري له، وإذا كان في عمله مال يجتنَى فجاريه مستحق فيه، وإن لم يكن فيه مال فجاريه في بيت المال مستحق من سهم المصالح.
والفصل السادس: فيما يصح به التقليد، فإن كان نطقًا يلفظ به المولِّي صحَّ به التقليد كما تصحّ به سائر العقود، وإن كان عن توقيع المولّي بتقليده خطًّا لا لفظًا صحَّ التقليد، وانعقدت به الولايات السلطانية إذا اقترنت به شواهد الحال، وإن لم تصح به العقود الخاصة اعتبارًا بالعرف الجاري فيه، وهذا إذا كان التقليد مقصورًا عليه لا يتعداه إلى استبانة غيره فيه، ولا يصح إذا كان التقليد عامًّا متعديًا؛ فإذا صلح التقليد بالشروط المعتبرة فيه، وكان العمل قبله خاليًا من ناظر تفرَّد هذا المولي بالنظر، واستحقَّ جاريه من أول وقت نظره فيه، وإن كان في العمل ناظر قبل تقليده نظر في العمل، فإن كان مما لا يصح الاشتراك فيه كان تقليده الثاني عزلًا للأول، وإن كان مما يصحّ فيه الاشتراك روعي العرف الجاري فيه، فإن لم يجر العرف بالاشتراك فيه كان عزلًا للأول، وإن جرى العرف بالاشتراك فيه لم يكن تقليد الثاني عزلًا للأول، وكانا عاملين عليه وناظرين فيه، فإن قلّد عليه مشرف كان العامل مباشرًا للعمل، وكان المشرف مستوفيًا له يمنع من زيادة عليه أو نقصان منه أو تفرّد به.
وحكم المشرف يخالف حكم صاحب البريد من ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه ليس العامل أن ينفرد بالعمل دون المشرف، وله أن ينفرد به دون صاحب البريد.
والثاني: أن للمشرف منع العامل مما أفسد فيه، وليس ذلك لصاحب البريد.
والثالث: أن المشرف لا يلزمه الاختيار بما فعله العامل من صحيح وفاسد إذا انتهى إليه، ويلزم صاحب البريد الإخبار بما فعله العامل من صحيح وفاسد؛ لأنَّ خبر المشرف استعداء، وخبر صاحب البريد إنهاء.