ولا يرجم إلّا محصنًا، فأمَّا الحرية فهي من شروط الإحصان، فإذا زنى العبد لم يرجم، وإن كان ذا زوجة جلد خمسين، وقالد داود: يرجم كالحر. واللواط وإتيان البهائم زنًا يوجب جلد البكر، ورجم المحصن، وقيل: بل يوجب قتل البكر والمحصن. وقال أبو حنيفة: لا حدَّ فيها، وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"اقتلوا البهيمة ومن أتاها" ١.
وإذا زنى البكر بمحصنة أو المحصن بالبكر جُلِدَ البكر منهما ورُجِمَ المحصن، وإذا عاود الزنا بعد الحد حدَّ، وإذا زنى مرارًا قبل الحدِّ حد للجميع حدًّا واحدًا.
والزنا يثبت بأحد أمرين: إمَّا بإقرار أو بينة.
فأما الإقرار: فإذا أقرَّ البالغ العاقل بالزنا مرة واحدة طوعًا أقيم عليه الحد. وقال أبو حنيفة: لا آخذه حتى يقرَّ أربع مرات، وإذا وجب الحد عليه بإقراره، ثم رجع عنه قبل الجلد سقط عند الحد. وقال أبو حنيفة: لا يسقط الحد برجوعه عنه.
وأما البينة: فهو أن يشهد عليه بفعل الزنا أربعة رجال عدول لا امرأة فيهم، يذكرون أنهم شاهدوا دخول ذكره في الفرج كدخول المرود في المكحلة، فإن لم يشاهدوا ذلك على هذه الصفة فليست شهادة، فإذا قاموا بالشهادة على حقها مجتمعين أو متفرقين قبلت شهادتهم.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا أقبلها إذا تفرقوا في الأداء وأجعلهم قذفة. وإذا شهدوا بالزنا بعد سنة أو أكثر سمعت شهادتهم. وقال أبو حنيفة: لا أسمعها بعد سنة وأجعلهم قذفة، وإذا لم يكمل شهود الزنا أربعة فهم قذفة يُحَدُّون في أحد القولين ولا يحدون في الثاني. وإذا شهدت البينة على إقراره بالزنا جاز الاقتصار على شاهدين في أحد القولين. ولا يجوز في القول الثاني أقلّ من أربعة، وإذا رجم الزاني بالبينة حفرت له بئر عند رجمه ينزل فيها إلى وسطه يمنعه من الهرب، فإن هرب أتبع، ورُجِمَ حتى يموت، وإن رجم بإقراره لم تحفر له، وإن هرب لم يتبع.
ويجوز للإمام أو من حكم برجمه من الولاة أن يحضر رجمه، ويجوز أن لا يحضر. وقال أبو حنيفة: لا يجوز إلّا بحضور من حكم برجمه؛ وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "اغد يا أنيس على هذه
١ حسن صحيح: رواه أبو داود في كتاب الحدود "٤٤٦٤"، والترمذي في كتاب الحدود "١٤٥٥"، وابن ماجه في كتاب الحدود "٢٥٦٤"، وأحمد "٢٤١٦"، وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح.