للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشافعي يقطع. وإذا سرق عبد صغير لا يعقل أو أعجمي لا يفهم قطع عند الشافعي. وقال أبو حنيفة: لا يقطع. ولو سرق صبي صغير لم يقطع، وقال مالك: يقطع.

واختلف الفقهاء في الحرز، فشذَّ عنهم داود ولم يعتبره، وقطع كل سارق من حرز [أو من غير حرز، وذهب جمهورهم إلى اعتبار الحرز في وجوب القطع، وأنه لا قطع على من سرق من غير حرز، روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا قطع في حريسة الخيل حتى تولي إلى معاقلها". وهكذا لو استعار فجحد لم يقطع، وقال أحمد بن حنبل: يقطع, واختلف في جعل الحرز شرطًا في صفته، فسوى أبو حنيفة بين الأحراز في كل الأموال، وجعل حرز أقل الأموال حرز أجلها، والأحراز عند الشافعي تختلف باختلاف الأموال اعتبارًا بالعرف فيها.

فيخف الحرز فيما قلَّت قيمته من الخشب والحطب، ويغلظ ويشتد فيما كثرت قيمته من الذهب والفضة، فلا يجعل حرز الفضة والذهب، فيقطع سارق الخشب منه، ولا يقطع سارق الذهب والفضه منه، ويقطع نباش القبور إذا سرق أكفان موتاها؛ لأن القبور أحراز لها في العرف، وإن لم تكن أحرازًا لغيرها من الأموال. وقال أبو حنيفة: لا يقطع النباش؛ لأنَّ القبر ليس بحرز لغير الكفن. وإذا شد الرجل متاعه على بهيمة سائرة كما جرت العادة بمثله فسرق سارق من المتاع ما بلغت قيمته ربع دينار قطع؛ لأنه سارق من حرز، ولو سرق البهيمة وما عليها لم يقطع؛ لأنه سرق الحرز والمحروز، ولو سرق إناء من فضة أو ذهب قطع، وإن كان استعماله محظورًا؛ لأنه مال مملوك، سواء كان فيه طعام أو لم يكن. وقال أبو حنيفة: إن كان في الإناء المسروق طعام أو شراب أو ماء مشروب فشربه لم يقطع، ولو أفرغ الإناء من الطعام والشراب ثم سرقه قطع. وإذا اشترك اثنان في نقب الحرز، ثم انفرد أحدهما بأخذ المال قطع المنفرد منهما بالأخذ دون المشارك في النقب، ولو اشترك اثنان فنقب أحدهما ولم يأخذ، وأخذ الآخر ولم ينقب، لم يقطع واحد منهما، وفي مثلها قال الشافعي: اللص الظريف لا يقطع. وإذا دخل الحرز واستهلك المال فيه غرم ولم يقطع، وإذا قطع السارق والمال باقٍ رد على مالكه، فإن عاد السارق بعد قطعه فسرق ثانية بعد إحرازه قطع. وقال أبو حنيفة: لا يقطع في مال مرتين، وإذا استهلك السارق] ١.


١ هذه الجزئية سقط في بعض النسخ.

<<  <   >  >>