للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جار على الدين أبو يوسف ... بقتله المؤمن بالكافر

فدخل أبو يوسف على الرشيد وأخبره الخبر، وأقرأه الرقعة، فقال له الرشيد: تدارك هذا الأمر بحيلة لئلَّا تكون فتنة، فخرج أبو يوسف وطالب أصحاب الدم ببينة على صحة الذمَّة وثبوتها، فلم يأتوا بها فأسقط القود؛ والتوصُّل إلى مثل هذا سائغ عند ظهور المصلحة فيه.

ويقتل العبد بالعبد، وإن فضلت قيمة القاتل على المقتول. وقال أبو حنيفة: لا قود على القاتل إذا زادت قيمته على قيمة المقتول.

وإذا اختلف أديان الكفار قيد بعضهم ببعض، ويقاد الرجل بالمرأة، والمرأة بالرجل، والكبير بالصغير، والعاقل بالمجنون، ولا قود على صبي ولا مجنون، ولا يقاد والد بولده، ويقاد الولد بالوالد، والأخ بالأخ.

وأما الخطأ المحض: فهو أن يتسبب إليه في القتل من غير قصد، فلا يقاد القاتل بالمقتول كرجل رمى هدفًا فأمات إنسانًا، أو حفر بئرًا فوقع فيها إنسان، أو أشرع جناحًا فوقع على إنسان، أو ركب دابة فرمحت ووطئت إنسانًا، أو وضع حجرًا فعثر به إنسان، فهذا وما أشبهه إذا حدث عنه الموت قتل خطإ محض يوجب الدية دون القود، وتكون على عاقلة الجاني لا في ماله مؤجلة في ثلاث سنين من حين يموت القتيل. وقال أبو حنيفة: من حين يحكم الحاكم بديته، والعاقلة من عدد الآباء والأبناء من العصبات، فلا يحمله الأب وإن علا، ولا الابن وإن سفل، وجعل أبو حنيفة ومالك الآباء والأبناء من العاقلة، ولا يتحمل القاتل مع العاقلة من الدية. وقال أبو حنيفة ومالك: يكون القاتل كأحد العاقلة، والذي يتحمّله الموسر منهم في كل سنة نصف دينار أو قدره من الإبل، ويتحمَّل الأوسط ربع دينار أو قدره من الإبل، ولا يتحمَّل الفقير شيئًا منها. ومن أيسر بعد فقره تحمل، ومن افتقر بعد يساره لم يتحمل.

ودية نفس الحر المسلم إن قدرت ذهبًا ألف دينار من غالب الدنانير الجيدة، وإن قدرت ورقًا اثنا عشر ألف درهم. وقال أبو حنيفة: عشرة آلاف درهم، وإن كانت إبلًا فهي مائة

<<  <   >  >>