للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَلَوْ قَلَّدَ الْإِمَامُ وَالِيًا عَلَى عَمَلٍ، وَقَلَّدَ الْوَزِيرُ غَيْرَهُ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ، نُظِرَ فِي أَسْبَقِهِمَا بِالتَّقْلِيدِ، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ أَسْبَقَ تَقْلِيدًا فَتَقْلِيدُهُ أَثْبَتُ، وَلَا وِلَايَةَ لِمَنْ قَلَّدَهُ الْوَزِيرُ، وَإِنْ كَانَ تَقْلِيدُ الْوَزِيرِ أَسْبَقَ، فَإِنْ عَلِمَ الْإِمَامُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَقْلِيدِ الْوَزِيرِ كَانَ فِي تَقْلِيدِهِ الْإِمَامَ لِغَيْرِهِ عَزْلُ الْأَوَّلِ، وَاسْتِئْنَافُ تَقْلِيدِ الثَّانِي، فَصَحَّ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْإِمَامُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَقْلِيدِ الْوَزِيرِ، فَتَقْلِيدُ الْوَزِيرِ أَثْبَتُ، وَتَصِحُّ وِلَايَةُ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ تَقْلِيدَ الثَّانِي مَعَ الْجَهْلِ بِتَقْلِيدِ الْأَوَّلِ لَا يَكُونُ عَزْلًا لَوْ عَلِمَ بِتَقْلِيدِهِ.

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا يَنْعَزِلُ الْأَوَّلُ مَعَ عِلْمِ الْإِمَامِ بِحَالِهِ إذَا قَلَّدَ غَيْرَهُ حَتَّى يَعْزِلَهُ قَوْلًا، فَيَصِيرُ بِالْقَوْلِ مَعْزُولًا لَا بِتَقْلِيدِ غَيْرِهِ، فَعَلَى هَذَا إنْ كَانَ النَّظَرُ مِمَّا يَصِحُّ فِيهِ الِاشْتِرَاكُ صَحَّ تَقْلِيدُهُمَا، فَكَانَا مُشْتَرِكَيْنِ فِي النَّظَرِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَصِحُّ فِيهِ الِاشْتِرَاكُ كَانَ تَقْلِيدُهُمَا مَوْقُوفًا عَلَى عَزْلِ أَحَدِهِمَا وَإِقْرَارِ الْآخَرِ؛ فَإِنْ تَوَلَّى ذَلِكَ الْإِمَامُ جَازَ أَنْ يَعْزِلَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَيُقِرَّ الْآخَرَ، وَإِنْ تَوَلَّاهُ الْوَزِيرُ جَازَ أَنْ يَعْزِلَ مَنِ اخْتَصَّ بِتَقْلِيدِهِ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَعْزِلَ مَنْ قَلَّدَهُ الْإِمَامُ.

<<  <   >  >>