السَّمَاعُ مِنْ لَفْظِهِ أَوِ الْقِرَاءَةُ عَلَيْهِ وَيَلْتَحِقُ بِهِمَا سَمَاعُ مَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّ السَّمَاعَ مِنْ لَفْظِهِ أَعْلَى، أَوِ الْقِرَاءَةَ عَلَيْهِ، عَلَى ثَلاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ السَّمَاعَ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ أَعْلَى الْمَرَاتِبِ فِي الأَخْذِ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ عُلَمَاءِ الْمَشْرِقِ، وَأَئِمَّةِ الأُصُولِ، وَعَلَيْهِ عَمِلُوا الصَّدْرَ الأَوَّلَ وَثَانِيهِمَا: أَنَّ الْقِرَاءَةَ عَلَى الشَّيْخِ أَعْلَى، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَشُعْبَةَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَآخَرِينَ وَثَالِثُهَا: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنْ مَالِكٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ ثُمَّ هَذَا إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا أَقَرَّ الشَّيْخُ حَالَةَ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ حَدِيثُهُ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ وَهِيَ مَحَلُّ الاتِّفَاقِ فِي الاعْتِبَارِ، فَإِنْ سَكَتَ وَلَمْ يُقِرَّ وَلَمْ يُنْكِرْ، وَهُوَ مُصْغٍ إِلَى إِخْبَارِ الْقَارِئِ لَهُ، غَيْرُ غَافِلٍ عَنْهُ، وَلَيْسَ ثَمَّ مَا يُوجِبُ سُكُوتًا، مِنْ إِكْرَاهٍ أَوْ غَفْلَةٍ، فَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ الْعَمَلُ بِذَلِكَ، وَالاعْتِدَادُ بِهِ خِلافًا لِبَعْضِ الظَّاهِرِيَّةِ، وَلِبَعْضِ أَصْحَابِنَا مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ، وَعَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ هِيَ أَنْزَلُ دَرَجَةً مِنَ السَّمَاعِ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ بِلا شَكٍّ، وَمَحَلُّ الأَقْوَالِ الثَّلاثَةِ، إِنَّمَا هُوَ الْحَالَةُ الأُولَى، ثُمَّ يَلِي هَذِهِ الأَنْوَاعَ دَرَجَةُ الإِجَازَةِ الْمُجَرَّدَةِ عَنِ السَّمَاعِ، وَهِيَ عَلَى مَرَاتِبِ:
أَعْلاهَا الْمُنَاوَلَةُ الْمُقْتَرِنَةُ بِهَا، بَعْدَ أَنْ يَعْتَبِرَ الشَّيْخُ ذَلِكَ الْمَجَازَ، وَيَعْلَمَ أَنَّهُ حَدِيثُهُ ثُمَّ يَقُولُ لِلطَّالِبِ: أَذِنْتُ لَكَ فِي رِوَايَتِهِ عَنِّي، وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِينَ إِلَى أَنَّهَا حَالَّةٌ مَحَلَّ السَّمَاعِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِهِ وَأَقْرَانِهِ، وَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَاخْتَارَهُ الْمُحَقِّقُونَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute