للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيقال لهم: معنا أمران معلومان:

(أحدهما) : معلومٌ بالاضطرار من الدِّين. و (الثاني) : معلوم بالاضطرار من أنفسِنا عند التأمُّل. أمَّا "الأول": فإنَّا نعلم أَنَّ من سبَّ الله ورسولَه طوعاً بغير كَرْه (١) ، بل من تكلَّم بكلمات الكفر طائعاً غير مُكْرَهٍ، ومن استهزأ بالله وآياته ورسوله فهو كافرٌ باطناً وظاهراً، وإِنَّ من قال: إِنَّ مثل هذا قد يكون في الباطن مؤمناً بالله وإِنَّما هو كافرٌ في الظَّاهر، فإنَّه قال قولاً معلوم الفساد بالضَّرورة من الدِّين وقد ذكر الله كلماتِ الكفَّار في القرآن وحكم بكفرهم واستحقاقهم الوعيد بها ولو كانت أقوالهم الكفريَّة بمنزلة شهادةِ الشُّهود عليهم، أو بمنزلة الإقرار الذي يغلط فيه المقِرُّ لم يجعلهم الله من أهل الوعيد بالشهادة التي قد تكون صِدْقاً وقد تكون كَذِباً، بل كان ينبغي أَنْ لا يعذِّبهم إلاَّ بشرط صِدْق الشَّهادة وهذا كقوله تعالى: {لقَدْ كَفَرَ الذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ (٢) } {لقَدْ كَفَرَ الذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} (٣) وأمثال ذلك.


(١) أي بغير إكراه بدليل قوله: ((طوعاً بغير كَرْه)) ولو كان المقصود بغير كُرْه أي بغير بغض - كما ذكر بعضهم - لقال ((حباً بغير كُرْه)) وأيضاً بدليل قوله بعد ذلك: ((طائعاً غير مكره)) ثم من تأمّل كلامه رحمه الله في "الفتاوى" يجده دائماً يكرّر قوله طائعاً غير مكره ويستشهد بقوله تعالى: (إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان) .
(٢) سورة المائدة: ٧٣.
(٣) سورة المائدة: ١٧.