للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صدراً وهي كفرٌ، وقد دلَّ على ذلك قولُه تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّل عَليْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (٦٤) وَلئِنْ سَأَلْتَهُمْ ليَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (٦٦) } (١) فقد أخبر أَنَّهم كفروا بعد إيمانهم مع قولهم: إنَّا تكلَّمْنا بالكفر من غير اعتقادٍ له، بل كنا نخوض ونلعب، وبيَّن أَنَّ الاستهزاء بآيات الله كفرٌ، ولا يكون هذا إلاَّ ممَّن شرح صدره بهذا الكلام، ولو كان الإيمانُ في قلبه منعَه أنْ يتكلَّمَ بهذا الكلام)) (٢) .

وقال في "الصارم المسلول": ((من قال بلسانه كلمةَ الكفرِ من غير حاجةٍ عامداً لها عالماً بأَنَّها كلمة كفرٍ فإِنَّه يكفرُ بذلك ظاهراً وباطناً، ولأنَّا لا نجوِّز أَنْ يقال: إِنَّه في الباطن يجوز أَنْ يكونَ مؤمناً، ومن قال ذلك فقد مَرَق من الإسلام، قال سبحانه: {مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَليْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللهِ وَلهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٣) } ومعلومٌ أَنَّه لم يُرِدْ بالكفر هنا اعتقاد القلب فقط، لأَنَّ ذلك لا يُكره الرَّجل عليه، وهو قد استثنى من أُكْرِه ولم يُرِدْ من قال واعتقد، لأَنَّه استثنى المُكرَه وهو لا يُكرَه على العقد


(١) سورة التوبة: ٦٤-٦٦.
(٢) "مجموع الفتاوى" (٧/٢٢٠) .
(٣) سورة النحل: ١٠٦.