للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقط. والمعتزلة قالوا: هو العمل والنطق والاعتقاد. والفارق بينهم وبين السَّلف أَنَّهم جعلوا الأعمال شرطاً في صِحَّته. والسَّلف جعلوها شرطاً في كماله. وهذا كلُّه كما قلنا بالنَّظر إلى ما عند الله تعالى. أمَّا بالنَّظر إلى ما عندنا فالإيمان هو الإقرار فقط فمن أقرَّ أُجريت عليه الأحكام في الدُّنيا ولم يُحْكَم عليه بكفرٍ إلاَّ إِنِ اقترن به فعلٌ يدلُّ على كفرِهِ كالسُّجود للصَّنم، فإِنْ كان الفعل لا يدلُّ على الكفر كالفسق فمن أطلق عليه الإيمان فبالنَّظر إلى إقراره، ومن نفى عنه الإيمان فبالنَّظر إلى كماله، ومن أطْلِق عليه الكفر فبالنَّظر إلى أنَّه فَعَلَ فِعْلَ الكافر، ومن نفاه عنه فبالنَّظر إلى حقيقته)) (١) .

وقال: ((ونقل أبو بكرٍ الفارسيّ أحد أئمَّة الشافعيَّة في كتاب الإجماع أَنَّ من سبَّ النّبيَّ ? ممَّا هو قذفٌ صريحٌ كفر باتِّفاق العلماء)) (٢) .


(١) انظر "فتح الباري" (١/٤٦) طبعة المكتبة السلفية.
تعليق: وكلامه هذا عليه مآخذ أهمّها نسبته القول بأنَّ الأعمال شرط في كمال الإيمان للسَّلف، وهو على إطلاقه غير صحيح بل في ذلك تفصيل: فالأعمال المكفِّرة سواءً كانت تركاً -كترك جنس العمل أو الشهادتين أو الصلاة - أو كانت فعلاً -كالسُّجود لصنم أو الذَّبح لغير الله -؛ فهي شرط في صحَّة الإيمان، وما كان ذنباً دون الكفر فشرط كمال، وإنما أوردت كلامه هنا لحكمه بالكفر على من فعل فعلاً يدلّ على كفره كالسّجود لصنم دون أن يقيّده بالاعتقاد.على أنّ هذه العبارة فيها نظر أيضاً فالسّجود لصنم كفر بمجرّده وليس فعلاً يدلُّ على الكفر. وانظر: "سادساً "في المقدمة.
(٢) "فتح الباري" (١٢/٢٨٢) . والسبُ فعلٌ ولم يقيِّده بالاعتقاد.