للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإِنَّه من أنفع ما في هذه الأوراق)) (١) .

وقال أيضاً: ((فإذا تحقَّقْت أَنَّ بعض الصَّحابة الذين غَزَوا الرُّوم مع رسول الله ?، كفروا بسبب كلمةٍ قالوها على وجه المزح واللَّعِب، تبيَّن لك أَنَّ الَّذي يتكلَّم بالكفر، أو يعمل به خوفاً من نقص مالٍ، أو جاهٍ، أو مداراةً لأحدٍ، أعظم ممَّن تكلَّم بكلمةٍ يمزح بها.

والآية الثانية قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ} (٢) فلم يعذر الله من هؤلاء إلاَّ من أُكرِه مع كون قلبه مطمئنَّاً بالإيمان. وأمَّا غير هذا، فقد كفر بعد إيمانه، سواء فعله خوفاً، أو مداراة، أو مشحَّة بوطنه، أو أهله، أو عشيرته، أو ماله، أو فعله على وجه المزح، أو لغير ذلك من الأغراض إلاَّ المُكْرَه. والآية تدلُّ على هذا من جهتين:

الأولى قوله: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ} فلم يستَثْن الله إلاَّ المُكْرَه. ومعلومٌ أنَّ الإنسان لا يُكره إلاَّ على العمل أو الكلام. وأمَّا عقيدة القلب فلا يُكره أحدٌ عليها.

والثَّانية: قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلى الآخِرَةِ} فصرَّح أنَّ هذا الكفر والعذاب لم يكن بسبب الاعتقاد أو الجهل، أو البغضِ للدِّين، أو محبَّة الكفر، وإِنَّما سببه أَنَّ له في


(١) انظر رسالة "كشف الشبهات". ضمن مجموعة التَّوحيد (ص١٠٧) . مكتبة المؤيد ط ١٤١٣هـ.
(٢) سورة النحل: ١٠٦.