فنحن بحاجة إلى إعادة تنظيم طاقة المسلم الحيوية وتوجيهها، وأول ما يصادفنا في هذا السبيل هو أنه يجب تنظيم تعليم (القرآن) تنظيماً (يوحي) معه من جديد إلى الضمير المسلم (الحقيقة) القرآنية، كما لو كانت جديدة، نازلة من فورها من السماء على هذا الضمير.
وثاني ما يصادفنا هو أنه يجب تحديد رسالة المسلم الجديدة في العالم. فبهذا يستطيع المسلم منذ البداية أن يحتفظ باستقلاله الأخلاقي، حتى ولو عاش في مجتمع لا يتفق مع مثله الأعلى ومبادئه، كما أنه يستطيع أن يواجه- على الرغم من فقره أو ثرائه- مسؤولياته مهما يكن قدر الظروف الخارجية الأخلاقية أو المادية.
وهو بهذه الطريقة يستطيع أيضاً أن ينشئ وسطه الخاص شيئاً فشيئاً، حين يؤثر على الظروف الخارجية بحياة نموذجية ينتقل أثرها إلى ما عداها، كما كانت حياة حفنة الرجال الذين عاشوا حول النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة، أيام الإسلام الأولى.
ومع ذلك فإن هذه التأملات لا تنشئ حلاً، ولكنها مجرد خطوة على طريق المشكلة ذات الأهمية الخطيرة بالنسبة لمستقبل العالم الإسلامي.
ولكي نعطي هذه التأملات قيمة عملية يجب أن نعرضها لاختبار الحياة، في صورة إجراءات تربوية فعلية، في المستوى الإسلامي، ومن أجل هذا لابد من الممارسة العملية. ولكي تكون مثمرة يجب أن يتولاها مجمع من المتخصصين، الخالين من العقد البيروقراطية التي تنتاب الموظف، ومن (نظارة) رجل السياسة، المحدودة حريته الأخلاقية بأوامر حزبه أو جماعته، ومن أخلاق الفوضويين المغرمين بتملق الرأي العام.
يجب أن نحفظ لكل مشكلة استقلالها بالنسبة إلى غيرها، وإلا أغرقنا مشكلة