البدائية) التي لا تتغير صورة حياتها، كما لا تتغير مستعمرات النمل خلال آلاف السنين، هذه الجماعات خارجة عن نطاق التحديد.
فحياة هذه الجماعات الإنسانية تصور لنا حتى الآن مرحلة، مرت بها الإنسانية في عصور ما قبل التاريخ.
وفي هذه المرحلة تتحجر الصفات الاجتماعية، ويندر تنوعها من عصر لآخر: ولو أخذنا قطاعين من حياتها الاجتماعية يفصل بينهما آلاف السنين لوجدناهما متطابقين، على ما لاحظه المختصون في (علم الأجناس)، الذين يدرسون اليوم الحياة الإنسانية في بعض أقطار إفريقية الاستوائية.
وبما أن كل تغيير يطرؤ على الخصائص التشكيلية، أو يحدث في التوجيه الثقافي لجماعة إنسانية معينة، هو نتيجة مباشرة لوظيفتها التاريخية فإن كل جماعة لا تتطور، ولا يعتريها تغيير في حدود الزمن، تخرح بذلك من التحديد الجدلي لكلمة (مجتمع).
وفضلاً عن ذلك فإن الجماعات التي ما زالت في هذه المرحلة الأولى من التطور، تتجه بدورها إلى الاندماج في (المجتمع العالمي)، الذي يتكون في هذه الأيام بفعل العوامل الفنية، تلك التي تدخل في ثقافة القرن العشرين مفهوم (العالمية).
وأياً كان الأمر (فالمجتمع) هو الجماعة الإنسانية، التي تتطور ابتداء من نقطة يمكن أن نطلق عليها مصطلح (ميلاد).
ولكن حين نتحدث عن (ميلاد) معين، فإنا نعرفه ضمناً بوصفه (حدثاً) يسجل ظهور شكل من أشكال الحياة المشتركة، كما يسجل نقطة انطلاق لحركة التغيير التي تتعرض لها الحياة.
ويظهر هذا الشكل في صورة نظام جديد للعلامات بين أفراد جماعة معينة.