ومع ذلك فإن هذه الصورة الجديدة للحياة المشتركة قد تبدأ بفرد واحد، يمثل في هذه الحالة نواة المجتمع الوليد، وذلك بلا شك هو المعنى المقصود من كلمة (أمة)، عندما يطلقها القرآن الكريم على إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى:{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً}[النمل: ١٦/ ١٢٠] ففي هذه الحالة نجد أن المجتمع (الأمة) يتلخص في (إنسان واحد)، أي أنه يتلخص في مجرد احتمال حدوث تغيير في المستقبل، ما زال في حيز القوة، تحمله فكرة يمثلها هذا (الإنسان).
فلكي نعطي لموضوعنا تعريفاً منطقياً، ينبغي ان نربطه بمعامل الزمن، ربطاً نحدد معه لهذا العامل دلالته النفسية والاجتماعية. ومن هذا الوجه يصبح المجتمع هو: الجماعة التي تغير دائماً خصائصها الاجتماعية بإنتاج وسائل التغيير، مع علمها بالهدق الذي تسعى إليه من وراء هذا التغيير.
ومن الحقائق المقررة في علم الكيمياء منذ درس العلماء المركبات المتشابهة الجوهر Isomères، أن الأجسام قد تتماثل في التركيب الكيميائي دون أن تتشابه خصائصها. واستنبط العلماء من هذا أن مجموعة الذرات ليست مجرد كلية من المادة، بل هي تنظيم هذه المادة طبقاً لنظام معين؛ فاختلاف الخصائص في الكيمياء إنما يرجع في الحقيقة إلى اختلاف التنظيم الداخلي، أو بتعبير أوضح اختلاف الهندسة الداخلية.
والأمر كذلك بالنسبة للمجتمع، فهو ليس مجرد مجموعة من الأفراد، بل هو تنظيم معين ذو طابع إنساني يتم طبقاً لنظام معين.
وهذا النظام في خطوطه العريضة يقوم بناء على ما تقدم على عناصر ثلاثة: