للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهذه هي العوامل الثلاثة التي يدين لها مجموع إنساني معين، بخصائصه الاجتماعية التي تحيله (مجمتعاً) بالمعنى المنطقي للكلمة.

والواقع أن فكرة الحركة، تلك التي تتطابق مع مفهوم التغير والتطور، تعد عنصراً جوهرياً في التعريف في علم الاجتماع.

وهذه الفكرة نفسها قد ساعدتنا في دراسة أخرى، على التفرقة بين فكرة (رأس المال) وفكرة (الثروة)، إذ كان المصطلح الأول يعني المال المتحرك، وكان الثاني يعني المال الساكن.

وفكرة الحركة ستساعدنا هنا على التفرقة بين (المجتمع)، وبين سائر أشكال الجماعات الإنسانية، التي لا تتصف بما سبق أن أشرنا إليه من خصائص اجتماعية.

ومع ذلك فإن الحركة في علم الاجتماع تستتبع فكرة ذات قيمتين: فإن تطور الجماعة يؤدي بها إما إلى شكل راق من أشكال الحياة الاجتماعية، وإما أن يسوقها عل عكس ذلك إلى وضع متخلف.

وعلى أية حال فإن أمام كل مجتمع غاية، فهو يندفع في تقدمه إما إلى الحضارة، وإما إلى الانهيار.

وفي مقابل ذلك نجد أنه حينما تنعدم الحركة، فإن الجماعة الإنسانية تفقد تاريخها: إذ تصبح .. ولا غاية لها.

فهذا هو في نهاية الأمر المقياس الأساسي الذي يساعدنا على أن نواجه مشكلة ميلاد مجتمع معين: تكسب الجماعة الإنسانية صفة (المجتمع) عندما تشرع في الحركة، أي عندما تبدأ في تغيير نفسها من أجل الوصول إلى غايتها. وهذا يتفق من الوجهة التاريخية مع لحظة انبثاق حضارة معينة.

أما الجماعات الساكنة فإن لها حياة اجتماعية دون غاية، فهي تعيش في مرحلة ما قبل الحضارة.

<<  <   >  >>