للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

التغييرات الاجتماعية ذات طابع اقتصادي: فميلاد المجتمع وشكل الحضارة الذي يتخذه ناشئان عن التعارض الاقتصادي.

ومع ذلك فلو أننا طبقنا على هذه الفكرة مقياسها الاقتصادي الخاص، فستبرز أمام أعيننا حدود امتدادها على الخريطة الاقتصادية للعالم. فإن تأملنا امتداد الفكرة الماركسية باعتبارها ظاهرة اقتصادية، يدلنا على أنها ترسم منطقة اقتصادية، يقع متوسط دخل الفرد السنوي فيها تقريباً بين مئتي دولار وسبع مئة دولار، وهو المستوى الذي وصلت إليه اليابان من ناحية، وإنجلترا من ناحية أخرى.

وبذلك نستطيع أن نقرر- إلى أن يثبت العكس- أن انتشار الفكرة الشيوعية، محدود داخل هذه الحدود الاقتصادية المطابقة لحدود جغرافية معينة، وأن التفكير الماركسي لم يجد وراء هذه الحدود المزدوجة ظروف تأقلمه، فهو بهذه الصورة لا يستطيع أن يقدم لنا تفسيراً معقولاً للمجالات التي لم ينتشر فيها على الخريطة.

بيد أن هذه الملاحظة ذاتها تؤدي بنا ضمنا إلى نظرية (جون ارنولد توينبي)، تلك التي تحدد بدقة مشكلة الحدود التي يمكن أن يتم فيها تغيير اجتماعي معين، وهي بذلك تفسر لنا: لماذا كان مجال انتشار الفكرة الماركسية على خريطة العالم الاقتصادية واقعاً داخل حدود معينة؟

لقد اتبع المؤرخ الإنجليزي الكبير منهجاً، ينطبق في جانب منه على تخطيط هيجل، وذلك حين شبه فكرة التعارض بعقبة ذات طابع اقتصادي أو فني عبر عنها بكلمة (التحدي).

وفي رأيه أن التحدي يتوجه إلى ضمير الفرد أو الجماعة، وتكون مواجهته له

<<  <   >  >>