للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

(أ) {فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: ٧/ ٩٩].

(ب) {إنه لا ييئس إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: ١٢/ ٨٧].

وبين هذين الحدين تقف القوة الروحية متناسبة مع الجهد الفعال، الذي يبذله مجتمع يعمل طبقاً لأوامر رسالة، أعني طبقاً لغايته.

في هذه الحالة الروحية صبر بلال رضي الله عنه على ما كان يلقاه من عذاب ومحن، فوجدناه وهو في قمة المحنة يرفع إصبعه وهو يكرر إجابته على تحدي قريش: ((أحد ... أحد .. ))، ولم تستطع قوة في الأرض، وما كان لها أن تستطيع أن تخفض إصبعه، إذ أن روحه، في اللحظة التي كانوا يصبون فيها العذاب على بدنه كانت منغمرة في فيض نوراني لا يوصف، هو (وعد) الحق.

وقصة المرأة التي طلبت من الرسول - صلى الله عليه وسلم - إقامة حد الزنا عليها تبرز لنا قيمة الوعيد في توجيه الطاقات النفسية في حالة معينة.

وربما أفدنا من هذه القصة ومن سابقتها، كيف تكون الحركة التاريخية التي تقع بين حدي- الوعد والوعيد- هادفة إلى ما هو أعلى، محلقة فوق ما هو أدنى.

فالقوة الروحية التي تتطابق مع العمل المثمر الفعال تقع إذن بين حالين من أحوال النفس، لا يوجد وراءها إلا الخمول والرخاوة في جانب، واليأس والعجز في جانب آخر.

وإن القرآن الكريم ليعرض لنا صورة أخاذة لهذين الحدين اللذين يضمان العمل المثمر في قوله تعالى:

{وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} [هود: ١١/ ٩ و١٠].

<<  <   >  >>