للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللهم إلا إذا قررنا أن للحركة الرجعية والحركة التقدمية في نظرة الماركسي المعنى نفسه، فنحن مضطرون إلى القول أخيراً: إن المجتمع لا يخضع في تطوره لحكم العوامل الاقتصادية وحدها.

بيد أننا نبادر إلى القول: إن البرهان الماركسي صحيح، مؤكد لفاعليته في واقع الحياة العملية، لأنه مكمل في هذا الواقع بالروح الذي يحرك الأشخاص والأفكار والأشياء، وهي العناصر التي تؤدي (النشاط المشترك) في البلاد الشيوعية وغيرها.

ولا شك أن هذا (الروح) الماركسي هو الذي يخلق بين الأشخاص العلاقات الفردية التي تدفعهم إلى المشاركة في هذا النشاط.

فإذا حدث في لحظة معينة أن زادت فاعملية هذا النشاط المشترك- صانع التاريخ- أو نقصت فإن المؤرخ يستطيع أن يعبر بطرق كثيرة عن هذه الظاهرة الاجتماعية، فمثلاً يمكنه أن يعزوها إلى تغيير في الظروف الاقتصادية، حين ينظر إلى الأمور من وجهة النظر الماركسية.

ويمكن أيضاً أن يعزوها إلى تغيير في الظروف الثقافية عامة، حين ينظر إليها من وجهة نظر مادية دون أن يبالغ في هذه المادية.

فهذان التحديدان مختلفان متقابلان، يعبر كل منهما عن جانب خاص من الظاهرة، وما لا يتضمنان تعبيراً عن التغيير الأساسي في (الروح)، الذي يعد كل تغييرآخر بالنسبة إليه مظهراً جزئياً من مظاهره، وعرضاً من أعراضه.

وهكذا يترجح لدينا أن نعزو الظاهرة المذكورة إلى تغيير في (شبكة العلاقات الاجتماعية). وبهذه الطريقة نتناول التغيير في مجموعه حين نعبر عنه تعبيراً جذرياً فنقول إن: (شبكة العلاقات الاجتماعية) تغيرت، فكانت هذه هي النتيجة الأولى الرئيسية لـ (روح) المجتمع.

<<  <   >  >>