وإن الطبيعة لتمدنا في هذا الصدد بمثال رائع، فهي لا تجري التغييرات الحيوية في الكائن الحي، تلك التغييرات التي تحفظ حياته، حين تقدم إليه المنتجات العضوية، في صورة كميات من المادة، إذ الواقع أن هذه المادة لا تتغير طبيعتها خلال العمليات الحيوية، فالإيدروجين يظل كما هو عند تمثيل عناصر الغذاء في خلايا الجسم، والكربون يظل كربوناً.
فليست العناصر إذن- أعني المادة- هي التي تتغير في عملية التمثيل، ولكنها العلاقات الكائنة بين هذه العناصر وحدها.
والحياة الحيوانية والنباتية هي الأخرى خاضعة لهذه العلاقات، فضلاً عن مادة العناصر العضوية ذاتها، وبذلك يمكننا أن نرى في النظام الحيوي (البيولوجي)، أعني في عمل الطبيعة ذي الأهمية البالغة، كيف يجري تغيير الطاقة إلى مادة، بواسطة الكائن الحي، تماماً كما يحدث في نطاق النظام الطبيعي، طبقاً لنظرية (انشتين).
كذلك الأمر في الحياة الاجتماعية: فإن التغييرات التي تتم فيها لا يصح أن تعزى ابتداء إلى (المادة الاجتماعية) أعني: الاقتصاد وكل ما يتصل بالعمل الحسي، وإنما تعزى إلى (العلاقات) التي تحول الشروط السابقة للظاهرة الاقتصادية ذاتها، حين توحد عناصرها في خلق حياة إنسانية منظمة، من أجل الاضطلاع ببعض الوظائف الاجتماعية، في نطاق (العمل المشترك) الذي يصنع التاريخ.