وهكذا نجد بعض الساسة في بعض البلدان الافريقية والآسيوية يحاولون في الميدان الاقتصادي تطبيق حلول فنية يقترحها بعض الاختصاصيين الأوربيين، على الرغم من أن هذه الحلول قد تكون عديمة الجدوى في تلك البلاد، لأنها لا تتفق مع عناصر (الأنا) فيها، كما سبق أن بينت ذلك في كتابي (فكرة الإفريقية الآسيوية).
فالحلول الفنية ينبغي إذن أن تتكيف مع نفسية البلد الذي تطبق فيه ومع مرحلة تطوره، كما أن (الأنا) ينبغي أن تتكيف طبقاً للحلول الفنية التي يحاول تطبيقها.
ففي الحالة الأولى يكون تناولنا للأشياء من وجهة نظر مرضية، وفي الحالة الثانية يكون تناولنا لها من وجهة علاجية. والجانبان كلاها ينبغي ألا ينفك أحدهما عن الآخر، إذا ما أريد علاج حالة مجتمع يقاسي لوناً من ألوان الاضطراب في شبكة علاقاته الاجتماعية.
وتلك حالة تستوجب أقصى ما يمكن من الاهتمام والعناية، لأن كل علاقة فاسدة بين الأفراد تولد فيما بينهم عقداً كفيلة بأن تحبط أعمالهم الجماعية، إما بتصعيبها أو بإحالتها.
فالعلاقة الفاسدة في (عالم الأشخاص) لها نتائجها السريعة في (عالم الأفكار) وفي (عالم الأشياء). والسقوط الاجتماعي الذي يصيب (عالم الأشخاص) يمتد لا محالة إلى الأفكار وإلى الأشياء، في صورة افتقار وفاقة. فهناك أفكار رأت النور في المجتمع الإسلامي في القرن الرابع عشر الميلادي، كفكرة الدورة الدموية، ومع ذلك ظلت غائبة عن (عالم الأفكار) لأدق شبكة علاقاته كانت قد تمزقت.
وهناك أشياء بسيطة كانت تمد جزءاً من (عالم الأشياء) مثل ما كان يطلق