فثورة ١٨٤٨ قد تخلقت بالصورة نفسها التي تخلقت بها النهضة أو الحروب الصليبية، أعني أنها تمثل نوعاً من تجسيد الفكرة المسيحية.
وبصفة عامة، كل ما ينتسب إلى (عالم أشياء) أوربا، و (عالم أفكارها) أو (عالم أشخاصها) إنما ينتسب بالضرورة إلى تكوين الظاهرة الأوربية، فهو ذاته ظاهرة أوربية، أعني أنه هو ذاته ناتج عن شبكة العلاقات التي أنتجت الحروب الصليبية أو ثورة عام ١٨٤٨.
ولو أننا نظرنا في (عالم أشياء) أوربا مثلاً إلى جهاز الراديو البسيط، وحاولنا أن نرسم على الخريطة العلاقات العقلية التي انتهت إليه، منذ التجارب المتواضعة التي قام بها جلفاني، حتى اختراع ماركوني، مارين بهرتز، وبوبوف وبرانلي، وكثيرين آخرين من مشاهير الرواد، لأنشأ هؤلاء شبكة واحدة.
ولو أننا رسمنا بعد ذلك على الخريطة ذاتها العلاقات التي أنتجت (الإصلاح) أو النهضة، فلسوف نجد أنفسنا أمام الشبكة نفسها، التي تفسر كل ظاهرة أوربية على أنها ظاهرة مسيحية.