وهكذا يعمل الإنسان بداعٍ من طبيعته من أجل الحفاظ على النوع، وبوحي من ضميره من أجل تقدمه، فهو إذن مزود بسلطة مزدوجة، لكن التكليف هو الذي ينظم العلاقة الداخلية لهذه السلطة المزدوجة، تنظيماً يكون معه عمل الغرائز واندماجها مطابقاً لرسالته الاجتماعية.
ومن هذا التركيب ينتج نظام الأفعال الاجتماعية المنعكسة، تلك التي تتفق مراحلها مع عمليات البناء الأولية، والتي قد تكون أحياناً ذات طابع مرضي كما في حالة الكبت.
لقد تحدث علماء النفس بإفاضة عن هذه العمليات التي تماثل ما أطلقنا عليه من قبل: التنحية والانتقاء، والتي تحدد في نهاية المطاف السلوك الاجتماعي للفرد.
ولو أننا تتبعنا مثلاً تفسير (هدفيلد Z.A. Hodfield)، فسوف ندرك دور الأفكار والمبادئ في هذه العمليات وهو في الواقع دور العنصر الديني في بناء الأنا. وبعض هذه العمليات بنائي، بمعنى أنها تنظيم للغرائز في علاقتها بالتوازن الأساسي داخل الفرد، وبعضها- على العكس - مرضي، لأنه يعارض جانباً من الطاقة الحيوية، أعني حين يكبت جانباً من الغرائز.
فدور العنصر الديني بوصفه عامل تنظيم نفسي دور رئيسي، لا من حيث إنه يعمل في صورة مبادئ موجهة تنطبع في ذاتية (الأنا) لتصبح دوافع وقواعد للسلوك فحسب، ولكن لأنها تستطيع أن تتجلى في صورة تحريم مانع في بعض الظروف المرضية، كما في حالة الكبت.
فتأثير الدين على (الأنا) هو إذن تأثير عام سواء كان ذلك لتحديد عناصر الشخصية الأساسية، أم كان لأنه في بعض الحالات الشاذة يؤدي إلى نشأة جوانب