فالاطراد النفسي يفسر بطرق مختلفة. ويذهب يونج الى التمييز بين جانبين في الفرد القناع la Persona (١) وما وراء القناع، وأطلق عليه كلمة الظل ( l'ombre) ، ويقصد بالقناع الجانب المتجه ناحية المجتمع. ويقصد بالظل الجانب المتجه نحو الطبيعة والغريزة، أي نحو ما هو حيوي.
والظل هو مجال الطاقة الحيوية في حالة البدائية غير المكيفة، بالنسبة للحالة الاجتماعية، هو مجال الغرائز الناشطة فردياً، كل غريزة من أجل إشباع ذاتها، دون أي قانون آخر سوى هذا الإشباع.
والقناع هو المجال الذي تتم فيه عملية تكييف هذه الطاقة الحيوية الخام، من أجل تحويلها إلى طاقة قابلة للاستخدام اجتماعياً.
وهو المجال الذي يصبح فيه الأفراد المهذبون المثقفون وسائل في خدمة ضمير، كما يتم اتصالهم بالحياة عن طريق الضمير، لا عن طريق الغريزة مباشرة.
إنها عملية إدماج رئيسية تمنح نشاط الغرائز كل فاعليته الاجتماعية، حين تضع طاقاتها في خدمة الأفكار والمبادئ.
فالإنسان يجب أن يشرب ويأكل وينسل ويملك، ويكافح من أجل استمرار النوع. ولكنه يجب أن يراقب هذه الأعمال الأولية جميعها، وأن يوجهها لغايات تتفق وتقدم النوع.
وهو بهذه الطريقة يشترك واقعياً في عمل الله عز وجل، ومع ذلك فهو محكوم- إذا ما نظرنا إلى الأمر من الوجهة الدينية- تبعاً لهذا الاشتراك المنوط بتكليفه الديني، أعني تبعاً لخضوعه لقانون التقدم الأخلاقي، فإذا ما حملته طبيعته على العمل فإن ضميره هو الذي يعطي لعمله معنى تاريخياً وأخلاقياً.
(١) Persona تعني القناع الذي كان يضعه الممثل اللاتيني في المسرح الروماني ليحاكي الشخصية التي يريد تمثيل دورها.