وهكذا نرى أن كل ما يغير النفس، يغير المجتمع، ومن المعلوم أن أعظم التغييرات وأعمقها في النفس قد وقعت في مراحل التاريخ مع ازدهار فكرة دينية.
ولو أننا استطعنا أن نتتبع في دقة عمل الفكرة الدينية إبان ولادتها فربما أصابتنا الدهشة لما نشهد في عملها من جوانب غير متوقعة.
بل ينبغي أيضاً أن يمارس المرء بعض التجارب التربوية كما يفهم التغيرات المثيرة التي يمكن أن تتم في كيان الفرد بهذه الطريقة.
وذلك هو ما يلاحظ عندما يدخل التعليم وسطاً بدائياً، فإن الأفكار التي يتولى نشرها لا تؤثر في عقلية التلاميذ فحسب، بل يبرز أثرها على ملامحهم أيضاً.
إن الفكرة الدينية تحدث تغييرها حتى في سمت الفرد ومظاهره، حين تغير في نفسه، وبذلك يكون لمنهج التربية الاجتماعية أثره في تجميل ملامح الفرد، أي إن مجموعة من الانعكاسات تؤدي إلى خلق صورة جديدة، كأنها تتمثل في وجه جديد.
أي إن الرأس لها شكل الأفكار التي تحملها.
وإذا أردنا الاختصار قلنا: إن المجتمع يصوغ نموذجه، لا من الناحية العقلية فحسب، بل من الناحية العضوية أيضاً.
ولو أن أحداً شهد ميلاد المجتمع الإسلامي فلعله- فيما أظن- كان يشهد موجة التغيير تغمر الذين عاصروا النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا في خصائصهم النفسية فحسب، بل في سماتهم العضوية أيضاً.
ولم يدع لنا التاريخ الإسلامي وثيقة عن التغيير ذي الطابع التجميلي الذي