ولسوف تلاحظ أن الرجل يطلق (الواقع) لا على ما يراه مثلك بعينيه، بل على ما يفكر فيه دون الرجوع لأي مقياس من التاريخ أو الاجتماع، فتكوينه العقلي يمنعه من أن يرى ما هو أمام عينيه بلحمه وعظمه، كما أن هذا التكوين هو الذي يمنع الموظف الكبير في الإدارة من أن يدرك الفرق الضروري بين تفاهة الموظف وضرورات الوظيفة.
بيد أن مشكلة الأوضاع العقلية تتصل، عامة، بأمن شبكة العلاقات الاجتماعية، في المجتمع الإسلامي، في بلد مستعمر أو مهدد بمؤامرات الاستعمار.
فهذه الشبكة معرضة لضرباته؛ لأن المسلمين لم يطبقوا نظاماً واقعياً فعالاً ضد هذه الضربات، التي تأتي خاصة من القوارض الذين يعدهم لتحقيق هدفه، كما تأتي بوجه عام من جميع أنواع القوارض، التي تُعمِل أسنانها في العلاقات الاجتماعية بالمجتمع الإسلامي.
وبعكس ذلك نرى كيف أن المجتمع السوفييتي دافع عن علاقاته ضد كل القوارض، حين اتخذ إجراءات جريئة ضد ما أطلق عليه: (المواطنة العالمية COSMOPOLISME)، كما يدافع عن وحدته الثقافية، وضد ما أطلق عليه: (الانحرافية DEVIATIONNISME) كيما يدافع عن علاقاته الفكرية (الايديولوجية)، وضد ما أطلق عليه (التروتسكية TROTSKYSME) كما يدافع عن علاقاته السياسية.
وقد رأينا أخيراً كيف أن خروشوف أنذر نوعاً من القوارض المنبثين في صفوف الشعب، واعداً إياهم بإرسالهم إلى حيث يستروحون هواء سيبيريا، حتى يحول بينهم وبين أن يلتهموا شبكة العلاقات الأخلاقية اولثقافية في المجتمع السوفييتي.
فهذا الموقف إزاء مشكلة اجتماعية معينة، لم تزل بعد وليدة، جدير أن يلفت انتباهنا من جانبين، إذ أنه يرينا، في حالة مسحة سرعة الإدراك الواعي