ولنفرض مثلاً أنه يريد أن يعطل بعض المشروعات في إدارة معينة، هنالك يكفيه أن يخلق في أجهزتها فراغاً مؤقتاً، أعني عورة مادية لما أطلقنا عليه من قبل (الفراغ الاجتماعي)، موظف صغير يتغيب في اليوم نفسه، وهنا يتوقف التنفيذ.
هذا منهج، ولكن ما يهمنا معرفته هو رد الفعل الصادر عنا إزاء ما يحدث.
ولكي تعرف رد الفعل .. اسأل واحداً من رؤساء هذه الإدارة: لماذا توقف التنفيذ؟ .. ولسوف يجيبك:
- لأن السيد فلاناً .. الموظف المكلف عمل كذا- غائب.
ولو أنك قلت لهم:
- السيد فلان .. ؟! ولكن الموظف بإحدى الإدارات إذا غاب أو مات فإن الوظيفة تستمر، وإلا حكمتكم تفاهة أحد الموظفين.
ولسوف ترى علائم الاستغراب ترتسم في الحال على وجه محدثك، لأنه يجهل أن هذا الموظف الصغير يمكن أن يؤدي بمهارة دور حبة الرمل التي توقف آلة بأكملها عن الدوران.
وفي حالة أخرى، تتحدث مثلاً مع رجل من الطيبين المثقفين تشرح له نقائص المجتمع الإسلامي، طبقاً لمقاييس اهتممت بتمحيصها خلال تجربة طويلة، أعني أنها مستقاة من واقع الأشياء ذاته.
لكن محدثك يقاطعك في لحظة معينة قائلاً:
- سيدي .. إن أفكارك عظيمة ولكن ينبغي أن نعود إلى الواقع.