المعاجم، دون أن يلموا بما تترجم عنه هذه الكلمات من وقائع، خيراً كانت أم شراً، أو أولئك الذين يعرفون جميع المبادئ والتعاليم التي جاءت في الإسلام، دون أن يستطيعوا تطبيق مبدأ أو تعليم واحد لتغيير أنفسم، أو تغيير بيئتهم.
فكل حقيقة لا تؤثر على الثالوث الاجتماعي: الأشخاص، والأفكار، والأشياء، هي حقيقة ميتة.
وكل كلمة لا تحمل جنين نشاط معين، هي كلمة فارغة، كلمة ميتة مدفونة في نوع من المقابر، نسميه: القاموس.
وكلمة (تربية اجتماعية) تشترك في هذا المصير العام: فهي لا تعني شيئاً إذا لم تكن- في الواقع وبما تحمل من معنى- وسيلة فعالة لتغيير الإنسان، وتعليمه كيف يعيش مع أقرانه، وكيف يكون معهم مجموعة القوى التي تغير شرائط الوجود نحو الأحسن دائماً، وكيف يكون معهم شبكة العلاقات التي تتيح للمجتمع أن يؤدي نشاطه المشترك في التاريخ.
وكذلك كلمة (ثقافة)، ليست سوى كلمة فارغة رنانة لو لم تخلع على (التربية الاجتماعية) المضمون الضروري، الذي يتيح لها الاضطلاع بوظيفتها المغيرة.
ومن الواجب أن نفكر مليا في هذه المصطلحات، لا من طريق الاستعانة بقاموس تمسك به اليد، ولكن من طريق الاستعانة برأس مستقر بين اليدين.
فليس الأمر إذن أن تقول: إن الثقالة تحتوي بصفة عامة عدداً من الفصول هي: الأخلاق، والجمال، والمنطق العملي، والصناعة الفنية. ولكن الأمر يقتضينا أن نتساءل: كيف ينبغي أن ندركها في صورة برنامج تربوي يصلح لتغيير الإنسان الذي لم يتحضر بعد، في ظروق نفسية زمنية معينة، أو لإبقاء الانسان المتحضر في مستوى وظيفته الاجتماعية، وفي مستوى أهداف الإنسانية-