للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بدل منها ويجوز أن يكون في موضع خفض على البدل من آية ويجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار مبتدأ أي هي أنّي أخلق لكم من الطين كهيئة الطير. فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ هذه قراءة أبي عمرو وأهل الكوفة وقرأ يزيد بن القعقاع كهيئة الطّائر فأنفخ فيه فيكون طائرا وقرأ نافع كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طائرا «١» والقراءتان الأوليان أبين والتقدير في هذه فانفخ في الواحد منها أو منه لأن الطير يذكّر ويؤنث فيكون الواحد طائرا، وطائر وطير مثل تاجر وتجر.

وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ أي بالذي تأكلونه ويجوز أن يكون ما والفعل مصدرا. وَما تَدَّخِرُونَ وقرأ مجاهد والزهريّ وأيوب السختيانيّ وما تذخرون «٢» بالذال معجمة مخفّفا. قال الفراء: أصلها الذال يعني تذخرون من ذخرت فالأصل تذتخرون فثقل على اللسان الجمع بين الذال والتاء فأدغموا وكرهوا أن تذهب التاء في الذال فيذهب معنى الافتعال فجاءوا بحرف عدل بينهما وهو الدال فقالوا: تدّخرون. قال أبو جعفر: هذا القول غلط بيّن لأنهم لو أدغموا على ما قال لوجب أن يدغموا الذال في التاء وكذا باب الإدغام أن يدغم الأول في الثاني فكيف تذهب التاء والصواب في هذا مذهب الخليل وسيبويه أنّ الذال حرف مجهور يمنع النفس أن يجري والتاء حرف مهموس يجري معه النفس فأبدلوا من مخرج التاء حرفا مجهورا أشبه الذال في جهرها فصار تذدخرون ثم أدغمت الذال في الدال فصار تدّخرون: قال الخليل وسيبويه: وإن شئت أدغمت الدال في الذال فقلت تذّخرون وليس هذا بالوجه.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٥٠]]

وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (٥٠)

وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ أي وجئتكم مصدّقا. قال أحمد بن يحيى: لا يجوز أن يكون معطوفا على «وجيها» لأنه لو كان كذلك لوجب أن يكون لما بين يديه.

وَلِأُحِلَّ لَكُمْ فيه حذف ليتعلق به لام كي، أي ولأحلّ لكم جئتكم وقد ذكرنا معناه ونزيده شرحا قيل إنّما أحلّ لهم عيسى عليه السلام ما حرّم عليهم بذنوبهم ولم يكن في التوراة نحو أكل الشحوم وكلّ ذي ظفر وقيل: إنّما أحلّ لهم عيسى عليه السلام أشياء حرمتها عليهم الأحبار لم تكن محرمة عليهم في التوراة.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٥١]]

إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٥١)

إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ بكسر «إن» على الابتداء وحكى أبو حاتم عن الأخفش:


(١) انظر تيسير الداني ٧٤.
(٢) انظر معاني الفراء ١/ ٢١٥، والبحر المحيط ٢/ ٤٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>