للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجود، وهي قراءة المدنيين وَيَعْلَمَ الَّذِينَ «١» على أنه مقطوع مما قبله مرفوع، والنصب عنده بعيد، وهي قراءة الكوفيين، والصحيحة من قراءة أبي عمرو، وشبّهه سيبويه في البعد بقول الشاعر: [الوافر] ٤٠٢-

سأترك منزلي لبني تميم ... وألحق بالحجاز فأستريحا

«٢» إلّا أن النصب في الآية أمثل لأنه شرط وهو غير واجب، وأنشد «٣» : [الطويل] ٤٠٣-

ومن يغترب عن قومه لا يزل يرى ... مصارع أقوام مجرّا ومسحبا

وتدفن منه الصّالحات وإن يسيء ... يكن ما أساء النّار في رأس كبكبا

فنصب «وتدفن» ولو رفع لكان أحسن. واختار أبو عبيد النصب وشبّهه بقوله جلّ وعزّ: وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ [ال عمران: ١٤٢] .

وهما لا يتجانسان ولا يشتبهان لأن «ويعلم» جواب لما فيه النفي فالأولى به النصب وقوله جلّ وعزّ: وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ ليس بجواب فيجب نصبه، وموضع الذين في قوله «ويعلم النّاس» موضع رفع بعلم.

[[سورة الشورى (٤٢) : آية ٣٦]]

فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٣٦)

وَما عِنْدَ اللَّهِ مبتدأ وخَيْرٌ خبره وَأَبْقى معطوف على خير لِلَّذِينَ آمَنُوا خفض باللام.

[[سورة الشورى (٤٢) : آية ٣٧]]

وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (٣٧)

وَالَّذِينَ في موضع خفض معطوف على «للذين آمنوا» يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ هذه قراءة المدنيين وأبي عمرو وعاصم، وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي كَبائِرَ الْإِثْمِ»

والقراءة الأولى أبين لأنه إذا قرأ كبير توهّم أنه واحد أكبرها، وليس المعنى على ذلك عند أحد من أهل التفسير إلّا شيئا قاله الفراء «٥» فعكس فيه قول


(١) انظر تيسير الداني ١٥٨، ومعاني الفراء ٣/ ٢٤.
(٢) الشاهد للمغيرة بن حبناء في خزانة الأدب ٨/ ٥٢٢، والدرر ١/ ٢٤٠، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٥١، وشرح شواهد المغني ٤٩٧، والمقاصد النحوية ٤/ ٣٩٠، وبلا نسبة في الكتاب ٣/ ٣٩، والدرر ٥/ ١٣٠، والردّ على النحاة ص ١٢٥، ورصف المباني ص ٣٧٩، وشرح الأشموني ٣/ ٥٦٥، وشرح المفصّل ٧/ ٥٥، والمحتسب ١/ ١٩٧، ومغني اللبيب ١/ ١٧٥، والمقتضب ٢/ ٢٤، والمقرب ١/ ٢٦٣.
(٣) مرّ الشاهد رقم ٣١٧.
(٤) انظر تيسير الداني ١٥٨، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٥٨١.
(٥) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>