للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهب جماعة من النحويين على هذا الجواب أن يكون «أن» في موضع جرّ. وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ شرط وجوابه فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً أي اختلق ومنه افترى فلان على فلان أي رماه بما ليس فيه وفريت الشيء قطعته.

[سورة النساء (٤) : الآيات ٤٩ الى ٥٠]

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٤٩) انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً (٥٠)

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ أي يسمّيه مطيعا ووليا ثم عجب النبي صلّى الله عليه وسلّم من ذلك فقال: انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ في قولهم: نحن أبناء الله وأحباؤه وهذه التزكية. وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً على البيان.

[[سورة النساء (٤) : آية ٥١]]

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً (٥١)

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وهما كلّ ما عبد من دون الله جلّ وعزّ وإيمانهم بالجبت والطاغوت قولهم لمن عبد الأوثان: هؤُلاءِ أَهْدى من المؤمنين الموحّدين وقول ابن عباس: الجبت والطاغوت كعب بن الأشرف، وحييّ بن أخطب ليس بخارج من ذاك. وإنما هو على التمثيل لهما بالجبت والطاغوت لأنهم أطاعوهما في تكذيب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. سَبِيلًا على البيان.

[[سورة النساء (٤) : آية ٥٢]]

أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً (٥٢)

أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ ابتداء وخبر.

[[سورة النساء (٤) : آية ٥٣]]

أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً (٥٣)

أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ لأنهم أنفوا من اتباع النبي صلّى الله عليه وسلّم، والتقدير أهم أولى بالنبوة ممن أرسلته أم لهم نصيب من الملك، ودلّ على هذا الحذف دخول أم على أول الكلام لأنه قد علم أنّ قبلها شيئا محذوفا. فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً أي يمنعون الحقوق خبّر الله جلّ وعزّ بما يعلمه منهم. قال سيبويه: «إذن» «١» في عوامل الأفعال بمنزلة أظنّ في عوامل الأسماء أي تلغى إذا لم يكن الكلام معتمدا عليها فإن كانت في أول الكلام وكان الذي بعدها مستقبلا نصبت لا غير، وإن كان قبلها فاء أو واو جاء الرفع والنصب فالرفع على أن تكون الفاء ملصقة بالفعل والنصب على أن تكون الفاء ملصقة بإذن، ويجوز على هذا في غير القرآن فإذن لا يؤتوا الناس نقيرا، والناصب للفعل عند سيبويه «إذا» لمضارعتها أن.


(١) انظر الكتاب ٣/ ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>