للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة النور (٢٤) : آية ٦١]]

لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٦١)

لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ اسم ليس وقد ذكرناه. ومن حسن ما قيل فيه أنه في الجهاد. فأما معنى وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ إلى آخر الآية. ففيه ثلاثة أقوال: منها أنه إنما يجوز ذلك بعد الإذن، ومنها أنه قد كان علم أنهم لا يبخلون عليهم بهذا. والقول الثالث أن الآية منسوخة وأنّ هذا كان أول، فلمّا قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ دماءكم وأموالكم حرام إلّا بإذن، وحرمة مال المسلم كحرمة دمه» «١» فوجب من هذا أنّه لا يحلّ لأحد شيء من مال أحد إلّا بإذن أو ما أجمع عليه المسلمون عند خوفه على هلاك نفسه. وقد قيل: إنّ الآية منسوخة بقوله جلّ وعزّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها [النور: ٢٧] فإذا كان لا يدخل إلّا بإذن فهو من الطعام أبعد، وقال جلّ وعزّ:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ [الأحزاب: ٥٣] ولو لم يكن في نسخ الآية إلّا الحديث الذي رواه مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يحتلبنّ أحدكم ماشية أخيه إلّا بإذنه أيحبّ أحدكم أن يؤتى إلى مشربته فتفتح خزانته فيوخذ طعامه لكان كافيا» «٢» . وقرأ قتادة مفتاحه «٣» وهي لغة ومفتح أكثر في كلام العرب يدلّك على ذلك جمعه على مفاتح. أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً نصب على الحال. تَحِيَّةً مصدر. قال أبو إسحاق: لأن معنى فَسَلِّمُوا

فحيّوا، وأجاز الكسائي والفراء رفع تحيّة بمعنى هي تحيّة مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لأن الله أمر بها مُبارَكَةً طَيِّبَةً لأن سامعها يستطيب سمعها.

[[سورة النور (٢٤) : آية ٦٢]]

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٢)


(١) أخرجه أبو داود في سننه الحديث (٤٨٨٢) ، وابن ماجة الحديث رقم (١٩٣١) .
(٢) أخرجه مالك في الموطأ- الاستئذان باب ٦، الحديث رقم (١٧) ، والترمذي في سننه- البيوع ٥/ ٢٩٥، وابن ماجة في سننه باب ٦٨ الحديث (٢٣٠٢) . والبخاري في صحيحه ٣/ ١٦٥، ومسلم في صحيحه كتاب اللقطة باب (٢) رقم (١٣) .
(٣) انظر مختصر ابن خالويه ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>