للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الشورى (٤٢) : الآيات ١٨ الى ١٩]

يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (١٨) اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (١٩)

يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وذلك نحو قولهم: مَتى هذَا الْوَعْدُ [يونس:

٤٨] وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وهكذا وصف أهل الإيمان يخافون من التفريط لئلا يعاقبوا عليه. أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ أي لفي ضلال عن الحقّ وإنما صار بعيدا لأنهم كفروا معاندة ودفعا للحقّ، ولو كان كفرهم جهلا لم يكن بعيدا لأنه كان يتبين لهم ويرون البراهين.

[سورة الشورى (٤٢) : الآيات ٢٠ الى ٢١]

مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (٢٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢١)

مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ شرط ومجازاة. قال أبو جعفر: قد ذكرنا في معناه أقوالا، ونذكر ما لم نذكره. وهو أن يكون المعنى: من كان يريد بجهاده الآخرة وثوابها نعطه ذلك ونزده، ومن كان يريد بغزوه الغنيمة، وهو حرث الدّنيا على التمثيل، نؤته منها لأن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يكن يمنع المنافقين من الغنيمة. وهذا قول بيّن إلّا أنه مخصوص وقول عامّ قاله طاوس قال: من كان همه الدنيا جعل الله فقره بين عينيه ولم ينل من الدنيا إلّا ما كتب له، ومن كان يريد الآخرة جعل الله جلّ وعزّ غناه بين عينيه ونور قلبه، وأتاه من الدنيا ما كتب له.

[[سورة الشورى (٤٢) : آية ٢٢]]

تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٢٢)

تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا الظَّالِمِينَ نصب بترى ومُشْفِقِينَ نصب على الحال، والتقدير: من عقاب ما كسبوا. قال جلّ وعزّ: وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ أي العقاب وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ

قال مجاهد: الروضة المكان المونق الحسن. وحكى بعض أهل اللغة أنها لا تكون إلّا في موضع مرتفع، كان أحسن لها وأشدّ، وإذا كانت خشنة ولم تكن رخوة كان ثمرها أحسن وألذّ، كما قال جلّ وعزّ: كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ [البقرة: ٢٦٥] أي مرتفعة. قال الأعشى: [البسيط] ٣٩٩-

ما روضة من رياض الحزن معشبة ... خضراء جاد عليها مسبل هطل

«١» فوصف أنها من رياض الحزن، والحزن: ما غلظ من الأرض، ويقال: الحزم بالميم، لما ذكرناه. ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ أي ذلك الذي تقدّم ذكره للذين آمنوا.

و «ذلك» في موضع رفع بالابتداء و «هو» ابتداء ثان، ويجوز أن يكون زائدا بمعنى التوكيد «الفضل» الخبر و «الكبير» من نعته.


(١) مرّ الشاهد رقم (٣٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>