للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المغضوب عليهم والضالين في مقابلة المهتدين المنعم عليهم. وهذا كثير في القرآن: يقرن بين الضلال والشقاء، وبين الهدى والفلاح. فالثاني كقوله:

٢: ٥ أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ، وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وقوله:

٦: ٨٢ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ والأول كقوله تعالى: ٥٤:

٤٧ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ وقوله: ٢: ٧ خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ، وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ، وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ وقد جمع سبحانه بين الأمور الأربعة في قوله: ٢٠: ١٢٤ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً، فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى فهذا الهدى والسعادة. ثم قال:

٢٠: ١٢٥ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً. وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى. قالَ: رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى، وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً؟ قالَ: كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها، وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى

فذكر الضلال والشقاء.

فالهدى والسعادة متلازمان. والضلال والشقاء متلازمان.

[فصل]

وذكر الصراط المستقيم منفردا، معرفا تعريفين: تعريفا باللام، وتعريفا بالإضافة. وذلك يفيد تعيّنه واختصاصه، وأنه صراط واحد. وأما طرق أهل الغضب والضلال فإنه سبحانه يجمعها ويفردها، كقوله: ٦:

١٥٣ وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ، وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ فوحّد لفظ الصراط وسبيله. وجمع السبل المخالفة له.

وقال ابن مسعود: «خطّ لنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خطّا، وقال: هذا سبيل الله، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن يساره، وقال: هذه سبل، وعلى كل سبيل شيطان يدعو إليه، ثم قرأ قوله تعالى: وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ. ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ «١» »

وهذا لأن


(١) أخرجه الترمذي برقم ٢٤٥٤ وقال: خطا مربعا، وأخرجه الحاكم في المستدرك ٢/ ٣١٨.

<<  <   >  >>