فهذا دلالة الحمد على توحيد الأسماء والصفات. وأما دلالة الأسماء الخمسة عليها، وهي: الله، والرب، والرحمن، والرحيم، والملك: فمبني على أصلين:
أحدهما: أن أسماء الرب تبارك وتعالى دالة على صفات كماله. فهي مشتقة من الصفات. فهي أسماء، وهي أوصاف. وبذلك كانت حسنى، إذ لو كانت ألفاظا لا معاني فيها لم تكن حسنى، ولا كانت دالة على مدح ولا كمال. ولساغ وقوع أسماء الانتقام والغضب في مقام الرحمة والإحسان، وبالعكس، فيقال: اللهم إني ظلمت نفسي، فاغفر لي إنك أنت المنتقم.
واللهم أعطني، فإنك أنت الضار المانع، ونحو ذلك. ونفي معاني أسمائه الحسنى من أعظم الإلحاد فيها. قال تعالى: ٧: ١٨٠ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ، سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ولأنها لو لم تدل على معان وأوصاف لم يجز أن يخبر عنها بمصادرها ويوصف بها، لكن الله أخبر عن نفسه بمصادرها، وأثبتها لنفسه، وأثبتها له رسوله، كقوله تعالى:
٥١: ٥٨ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ فعلم أن القويّ من أسمائه، ومعناه الموصوف بالقوة وكذلك قوله: ٣٥: ١٠ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً فالعزيز من له العزة، فلولا ثبوت القوة والعزة له لم يسم قويا ولا عزيزا. وكذلك قوله: ٤: ١٦٦ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ ١١: ١٤ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ ٢: ٢٥٥ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ
وفي الصحيح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم:«إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه»
فأثبت المصدر الذي اشتق منه اسمه «البصير»
وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها:«الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات»