فإنه ذكر سبحانه الكفار ووصفهم بأنهم ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون، ثم ذكر المؤمنين ووصفهم بالإيمان والعمل الصالح والإخبات إلى ربهم فوصفهم بعبودية الظاهر والباطن، ثم جعل أحد الفريقين كالأعمى والأصم من حيث كان قلبه أعمى عن رؤية الحق، أعمى أصم عن سماعه.
فشبه بمن بصره أعمى عن رؤية الأشياء، وسمعه أصم عن استماع الأصوات.
والفريق الآخر: بصير القلب سميعه بصير العين، سميع الأذن.
وقد تضمنت الآية قياسين وتمثيلين للفريقين. ثم نفى التسوية عن الفريقين بقوله: هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا.
أودع الله في قلوب أتباع رسله سرا من أسرار معرفته ومحبته، والإيمان به خفي على أعداء الرسل، فنظروا إلى ظواهرهم، وعموا عن بواطنهم، فازدروهم واحتقروهم وقالوا للرسول: وهؤلاء عنك حتى نأتيك ونسمع منك، وقالوا: أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا فقال نوح لقومه وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ، وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ، وَلا أَقُولُ: إِنِّي مَلَكٌ، وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً. اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ.
قال الزجاج: المعنى: إن كنتم تزعمون أنهم اتبعوني في بادئ الرأي وظاهره فليس عليّ أن أطلع على ما في أنفسهم، فإذا رأيت من يوحد الله عملت على ظاهره ورددت علم ما في نفوسهم إلى الله. وهذا معنى حسن.
والذي يظهر من الآية: أن الله يعلم ما في أنفسهم إذ أهّلهم، لقبول