ومن هذا قوله تعالى: ١٧: ٣٣ وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلًا فعلل النهي في الموضعين بكون المنهي عنه فاحشة. ولو كان جهة كونه فاحشة هو النهي لكان تعليلا للشيء بنفسه، ولكان بمنزلة أن يقال: لا تقربوا الزنا فإنه يقول لكم لا تقربوه، أو فإنه منهي عنه. وهذا محال من وجهين.
فإن الدعاء في القرآن يراد به هذا تارة، وهذا تارة. ويراد به مجموعهما. وهما متلازمان.
فإن دعاء المسألة هو طلب ما ينفع الداعي، وطلب كشف ما يضره، أو دفعه. ومن يملك الضر والنفع فإنه هو المعبود حقا. والمعبود لا بد أن يكون مالكا للنفع والضر. ولهذا أنكر الله تعالى على عبد من دونه ما لا يملك ضرا ولا نفعا، وذلك كثير في القرآن. كقوله تعالى: ١٠: ١٨ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وقوله تعالى: ١٠: ١٠٦ وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ وقوله تعالى: ٥: ٧٦ قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ وقوله تعالى: ٢١: ٦٦، ٦٧ قالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا