مالك قال:«قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ، ثم قال: هل تدرون ما قال ربكم؟ قالوا الله ورسوله أعلم. قال يقول: هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة»
. فصل
وأما الإخبار عن الرحمة- وهي مؤنثة بالتاء- بقوله «قريب» وهو مذكر ففيه اثنا عشر مسلكا نذكرها ونبين ما فيها من صحيح وسقيم ومقارب.
المسلك الأول: أن فعيلا على ضربين: أحدهما يأتي بمعنى فاعل كقدير وسميع وعليم. والثاني: يأتي بمعنى مفعول كقتيل وجريح، وكف خضيب. وطرف كحيل وشعر دهين، كله بمعنى مفعول. فإذا أتى بمعنى فاعل فقياسه أن يجري مجراه في إلحاق التاء به مع المؤنث دون المذكر كجميل وجميلة وشريف وشريفة وصبيح وصبيحة وصبي وصبية ومليح ومليحة وطويل وطويلة ونحوه. وإذا أتى بمعنى مفعول فلا يخلو إما أن يصحب الموصوف كرجل قتيل وامرأة قتيل أو يفرد عنه. فإن صحب الموصوف استوى فيه المذكر والمؤنث كرجل قتيل وامرأة قتيل، وإن لم يصحب الموصوف فإنه يؤنث إذا جرى على المؤنث نحو قتيلة بني فلان. ومنه قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ- إلى قوله- وَالنَّطِيحَةُ هذا حكم فعيل، وفعول قريب منه لفظا ومعنى، فإنهما مشتبهان في الوزن والدلالة على المبالغة وورودها بمعنى فاعل ومفعول.
ولما كان فعيل أخف استغنى به عن فاعل في المضاعف كجليل وعزيز وذليل كراهية منهم لثقل التضعيف إذا قالوا: جالل وعازز وذالل، فأتوا بفعيل مفصولا فيه بين المثلين بالياء الساكنة، ولم يأتوا في هذا بفعول لأن فعيلا أخف منه ولخفته أيضا اطرد بناؤه من فعل كشريف وظريف وجميل ونبيل وليس لفعول بناء يطرد منه ولخفته أيضا كان في أسماء الله تعالى أكثر من