بين سبحانه في هذه الآية أن فقر العباد إليه أمر ذاتي لهم، لا ينفك عنهم، كما أن كونه غنيا حميدا ذاتي فغناه وحمده ثابت له لذاته: لا لأمر أوجبه. وفقر من سواه إليه ثابت له لذاته، لا لأمر أوجبه فلا يعلل هذا الفقر بحدوث ولا إمكان بل هو ذاتي للفقير. فحاجة العبد إلى ربه لذاته لا لعلة أوجبت تلك الحاجة. كما أن غنى الرب سبحانه لذاته لا لأمر أوجب غناه.
كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
والفقر لي وصف ذات لازم أبدا ... كما أن الغنى أبدا وصف له ذاتي
فالخلق فقير محتاج إلى ربه بالذات لا بعلة. وكل ما يذكر ويقرر من أسباب الفقر والحاجة فهي أدلة على الفقر والحاجة، لا علل لذلك. إذ ما بالذات لا يعلّل لفقير بذاته محتاج إلى الغنى بذاته. فما يذكر من إمكان وحدوث واحتياج فهي أدلة على الفقر لا أسباب له.
ولهذا كان الصواب في مسألة علة احتياج العالم إلى الرب سبحانه غير