طاعته أو مرضاته ظنا منه أنه لا يأمر ولا يحكم ولا يقول إلا ما قاله الرسول.
فيطيعه، ويحاكم إليه، ويتلقى أقواله كذلك، فهذا معذور إذا لم يقدر على غير ذلك. وأما إذا قدر على الوصول إلى الرسول، وعرف أن غير من اتبعه هو أولى به مطلقا، أو في بعض الأمور. ولم يلتفت إلى الرسول ولا إلى من هو أولى به، فهذا الذي يخاف عليه. وهو داخل تحت الوعيد. فإن استحل عقوبة من خالفه وأذله، ولم يوافقه على اتباع شيخه. فهو من الظلمة المعتدين. وقد جعل الله لكل شيء قدرا.
[فصل]
وبنى «إياك نعبد» على أربع قواعد: التحقق بما يحبه الله ورسوله ويرضاه من قول اللسان، والقلب، وعمل القلب والجوارح.
فالعبودية: اسم جامع لهذه المراتب الأربع. فأصحاب «إياك نعبد» حقا هم أصحابها.
فقول القلب: هو اعتقاد ما أخبر الله سبحانه به عن نفسه وعن أسمائه وصفاته وأفعاله وملائكته ولقائه على لسان رسله.
وقول اللسان: الإخبار عنه بذلك، والدعوة إليه، والذبّ عنه، وتبيين بطلان البدع المخالفة له، والقيام بذكره، وتبليغ أوامره.
وعمل القلب: كالمحبة له، والتوكل عليه، والإنابة إليه، والخوف منه والرجاء له، وإخلاص الدين له، والصبر على أوامره، وعن نواهيه وعلى أقداره، والرضى به وعنه، والموالاة فيه، والمعاداة فيه، والذل له والخضوع، والإخبات إليه، والطمأنينة به، وغير ذلك من أعمال القلوب التي فرضها أفرض من أعمال الجوارح ومستحبها أحب إلى الله من مستحبها، وعمل الجوارح بدونها إما عديم المنفعة أو قليل المنفعة.
وأعمال الجوارح: كالصلاة والجهاد، ونقل الأقدام إلى الجمعة