والواقف مع القالب ربما يخيل إليه: أن الجوع يقابل بالظمأ، والعرى بالضحى.
والداخل إلى بلد الفقه عن الله: يرى هذا الكلام في أعلى الفصاحة والجلالة لأن الجوع ألم الباطن، والعرى ألم الظاهر، فهما متناسبان في المعنى، وكذلك الظمأ مع الضحى، لأن الظمأ موجب لحرارة الباطن، والضحى موجب لحرارة الظاهر فاقتضت الآية نفي جميع الآفات ظاهرا وباطنا.
لما أخبر سبحانه عن حال من اتبع هداه وماله من الرغد وطيب الحياة في معاشه ومعاده أخبر عن حال من أعرض عن الهدى ولم يتبعه، فقال:
وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً أي عن الذكر الذي أنزلته، فالذكر هنا مصدر مضاف إلى الفاعل، كقيامي وقراءتي، لا إلى المفعول، وليس المعنى: ومن أعرض عن أن يذكرني، بل هذا لازم المعنى ومقتضاه من وجه آخر سنذكره.
وأحسن من هذا الوجه: أن يقال: الذكر هاهنا مضاف إضافة الأسماء، لا إضافة المصادر إلى معمولاتها.
والمعنى: ومن أعرض عن كتابي ولم يتبعه، فإن القرآن يسمى ذكرا، قال تعالى: ٢١: ٥٠ وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ وقال تعالى: ٣: ٥٨