للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالرفع أكمل. فإنه يدل على الجملة الاسمية الدالة على الثبوت والتجدد، والمنصوب يدل على الفعلية الدالة على الحدوث والتجدد. فإبراهيم حياهم بتحية أحسن من تحيتهم. فإن قولهم «سلاما» يدل على: سلمنا سلاما وقوله: «سلام» أي سلام عليكم.

الرابع: أنه حذف المبتدأ من قوله: «قوم منكرون» فإنه لما أنكرهم ولم يعرفهم احتشم من مواجهتهم بلفظ ينفر الضيف لو قال: أنتم مكرمون، فحذف المبتدأ هنا من ألطف الكلام.

الخامس: أنه بنى الفعل للمفعول، وحذف فاعله، فقال:

«منكرون» ولم يقل: إني أكرمكم. وهو أحسن في هذا المقام، وأبعد من التنفير والمواجهة بالخشونة.

[[سورة الذاريات (٥١) : آية ٢٦]]

فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦)

السادس: أنه راغ إلى أهله ليحييهم بنزلهم. والروغان هو الذهاب في اختفاء بحيث يكاد لا يشعر به. وهذا من كرم رب المنزل المضيّف: أن يذهب في اختفاء بحيث لا يشعر به الضيف، فيشق عليه ويستحي. فلا يشعر به إلا وقد جاءه بالطعام، بخلاف من يسمع ضيفه وهو يقول له، أو لمن حضر: مكانكم حتى آتيكم بالطعام، ونحو ذلك مما يوجب حياء الضيف واحتشامه.

السابع: أنه ذهب إلى أهله، فجاء بالضيافة. فدل على أن ذلك كان معدا عندهم مهيئا للضيفان. ولم يحتج أن يذهب إلى غيرهم من جيرانه، أو غيرهم فيشتريه، أو يستقرضه.

الثامن: قوله: «فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ» يدل على خدمته للضيف بنفسه، ولم يقل: فأمر لهم، بل هو الذي ذهب وجاء به بنفسه، ولم يبعثه مع خادمه. وهذا أبلغ في إكرام الضيف.

التاسع: أنه جاء بعجل كامل، ولم يأت ببضعة منه. وهذا من تمام كرمه صلّى الله عليه وسلّم.

<<  <   >  >>