أنهم كانوا كاذبين، وكانوا مخدوعين مغروين، فيا له هناك من علم لا ينفع عالمه، ويقين لا ينجى مستيقنه.
وكذلك من طلب الغاية العليا والمطلب الأسمى، ولمن لم يتوسل إليه بالوسيلة الموصلة له وإليه، بل توسل إليه بوسيلة ظنها موصلة إليه، وهي من أعظم القواطع عنه. فحاله أيضا كحال هذا، وكلاهما فاسد القصد، ولا شفاء من هذا المرض إلا بدواء «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ» .
فإن هذا الدواء مركب من ستة أجزاء:
[١] عبودية الله لا غيره.
[٢] بأمره وشرعه.
[٣] لا بالهوى.
[٤] ولا بآراء الرجال وأوضاعهم، ورسومهم، وأفكارهم.
[٥] بالاستعانة على عبوديته به.
[٦] لا بنفس العبد وقوته وحوله ولا بغيره.
فهذه هي أجزاء إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ فإذا ركبها الطبيب اللطيف، العالم بالمرض، واستعملها المريض، حصل بها الشفاء التام، وما نقص من الشفاء فهو لفوات جزء من أجزائها أو إثنين أو أكثر.
ثم إن القلب يعرض له مرضان عظيمان، إن لم يتداركهما تراميا به إلى التلف ولا بد: وهما الرياء، والكبر، فدواء الرياء ب إِيَّاكَ نَعْبُدُ ودواء الكبر ب إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ.
وكثيرا ما كنت أسمع شيخ الإسلام ابن تيمية- قدس الله روحه- يقول إِيَّاكَ نَعْبُدُ تدفع الرياء وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ تدفع الكبرياء.
فإذا عوفي من مرض الرياء ب إِيَّاكَ نَعْبُدُ ومن مرض الكبر والعجب