براءة محضة وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ إثبات أن له معبودا يعبده وحده، وأنتم بريئون من عبادته، فتضمنت النفي والإثبات، وطابقت قول إبراهيم إمام الحنفاء ٤٣: ٢٧ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي وطابقت قول الفئة الموحدة ١٨: ١٦ وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فانتظمت حقيقة «لا إله إلا الله» ولهذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يقرنها بسورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ في سنة الفجر وسنة المغرب.
فإن هذين السورتين سورتا الإخلاص، وقد اشتملتا على نوعي التوحيد الذي لا نجاة للعبد ولا فلاح له إلا بهما، وهما توحيد العلم والاعتقاد المتضمن تنزيه الله عما لا يليق به من الشرك والكفر والولد والوالد، وأنه إله أحد صمد لم يلد فيكون له فرع وَلَمْ يُولَدْ فيكون له أصل وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ فيكون له نظير. ومع هذا فهو الصمد الذي اجتمعت له صفات الكمال كلها.
فتضمنت السورة إثبات ما يليق بجلاله من صفات الكمال، ونفي ما لا يليق به من الشريك أصلا وفرعا ونظيرا. فهذا توحيد العلم والاعتقاد.
والثاني: توحيد القصد والإرادة وهو: ألا يعبد إلا إياه، فلا يشرك به في عبادته سواه، بل يكون وحده هو المعبود.
وسورة قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ مشتملة على هذا التوحيد.
فانتظمت السورتان نوعي التوحيد وأخلصتا له، فكان صلّى الله عليه وسلّم يفتتح بهما النهار في سنة الفجر، ويختتمه بهما في سنة المغرب.
وفي السنن «أنه كان يوتر بهما»
فيكونان خاتمة عمل الليل كما كانا خاتمة عمل النهار.
ومن هنا تخريج جواب المسألة السابعة. وهي: تقديم براءته من معبودهم، ثم أتبعها ببراءتهم من معبوده فتأمله.
وأما المسألة الثامنة. وهي: إثباته هنا بلفظ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ دون