بالعين، كما يصيب العائن بعينه ما يعجبه. وإنما أراد: أنهم ينظرون إليك إذا قرأت القرآن نظرا شديدا بالعداوة والبغضاء، يكاد يسقطك. قال الزجاج: يعني من شدة العداوة يكادون بنظرهم نظر البغضاء أن يصرعوك.
وهذا مستعمل في الكلام. يقول القائل: نظر إليّ نظرا كاد يصرعني.
قال: ويدل على صحة هذا المعنى: أنه قرن هذا النظر بسماع القرآن، وهم كانوا يكرهون ذلك أشدّ الكراهية، فيحدّون إليه النظر بالبغضاء.
قلت: النظر الذي يؤثر في المنظور: قد يكون سببه شدة العداوة والحسد فيؤثر نظره فيه، كما تؤثر نفسه بالحسد، ويقوى تأثير النفس عند المقابلة. فإن العدو إذا غاب عن عدوه فقد يشغل نفسه عنه. فإذا عاينه قبلا اجتمعت الهمة عليه، وتوجهت النفس بكليتها إليه. فيتأثر بنظره، حتى إن من الناس من يسقط، ومنهم من يحمّ، ومنهم من يحمل إلى بيته. وقد شاهد الناس من ذلك كثيرا.
وقد يكون سببه الإعجاب. وهو الذي يسمونه: بإصابة العين. وهو أن الناظر يرى الشيء رؤية إعجاب به أو استعظام، فتتكيف روحه بكيفية خاصة تؤثر في المعين. وهذا هو الذي يعرفه الناس من رؤية المعين. فإنهم يستحسنون الشيء ويعجبون منه، فيصاب بذلك.
قال عبد الرزاق: عن معمر عن هشام بن قتيبة قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «العين حق. ونهى عن الوشم» .
وروى سفيان عن عمرو بن دينار عن عروة عن عامر عن عبيد بن رفاعة «أن أسماء بنت عميس قالت: يا رسول الله، إن بني جعفر تصيبهم العين، أفنسترقي لهم؟ قال: نعم. فلو كان شيء يسبق القضاء لسبقته العين» .
فالكفار كانوا ينظرون إليه نظر حاسد شديد العداوة. فهو نظر يكاد يزلقه.